Friday 30 September 2016

وهم الثقافة

كنت أعرف الكتابة حتى ابتلي قلمي بالسياسة و أضحت الوحيدة التي تقود هذا القلم. لم أكن محترف كتابة لكني ككل من يجذبه كلام "المثقفين" كنت أتقمص شخصياتهم و أحاول تقليدهم و أبحث عن الطريقة التي يمكن لي أن أصل إلى مستواهم.
كانت القراءة هي النصيحة التي أخذتها من صديق لتمتين لغتي و اكتساب معرفة تسهل علي الكتابة. فعلا غصت في الكتب و أصبحت مدمنا على كل جديد و حتى كل قديم منها. أجمعها بنهم و أقرأ ما تيسر لي فالكمية التي كنت أشتريها و أقتنيها كانت كبيرة لا طاقة لي على قراءتها جميعا.
من خلال هذه القراءات وصلت الى قناعة أن كل أو لنقل معظم متصدري المشهد هم آلات تسجيل لا أكثر يجيدون فقط اعادة تغليف ما يقرؤونه بثوب جديد و يقدمونه لنا لنبهر به.
قليلون جدا هم المجددون القادرين فعلا على الاتيان بفكرة جديدة. لكن المصيبة حقيقة ليست هنا بل في كتب التاريخ و ما بين دفوفها. فبصراحة و بعد جهد و بحث توصلت الى قناعة أننا يجب أن نعامل هذه الكتب ككتب القصص تحمل بعض الحقيقة لكن الجوهر هو في الحقيقة خيال و مزور.
فلكي تعرف جزءا من الحقيقة عن أي حدث عليك أن تقرأ لكتاب متعارضي المصالح و مختلفي الولاءات و أن تقرأ معظم الطبعات للكتاب الواحد ففي كل طبعة قد تفاجأ بجديد.
منذ أن وصلت الى هذه الحقائق هجرت الكتب خصوصا بعد أن سرقت مكتبتي و ذاكرتي و اتجهت الى التعامل مع الواقع و السياسة حتى نشف حبري و أضحيت بلا قلم.


Share:

تفاصيل قصة

أروي هذه القصة
كأنها تحدث اليوم
تفاصيل و أحداث
مرت كبرق لمع ضوءه في لحظة
جذب نحوه الأبصار
و أخذ الكل يتحدث
واحد يشرح سببه
و آخر يفلسف الأمر
و بعد هرج و نقاش
انفض الجمع في لحظة
و هكذا ايضا القصة
مرت بسرعة اللحظة
لكني يوما لن أنسى
تفاصيلا حفرت في القلب
و صاغت مني الوجدان
في ليلة كان المطر ينهمر
و عواء كلب يؤنس مني الوحدة
جلست أراقب النجمات
أسميها
و أحكي لها عن همي
هم طفل لا أكثر
كفقدان لعبة ظلت
طوال الوقت مهملها
حتى ضاعت يوما من ملكي
فنزل الغم في جوفي
و خلت الحادث أنه
نهاية الكون بل أكثر
فجأة طرق الباب
فقلت على الفور من هذا؟
قال الطارق أنه
رسول يبغي سعداك
و انه يحمل لي
أخبارا من الآتي
تحمل لي الخير
فرفضت أن أصدقه
و هششت عليه بكلماتي
قلت أغرب  و انصرف عني
فاني أناجي نجماتي
و مرت بعدها الأيام
ثقيلات مرات
حتى عاود الكرة
و دق يوما بابي
فقال بأني مرضي
و أن جزائي الجنة
و أن حياتي كرب
لكن الخير في الآتي
فصمت و هششته أخرى
و رضيت بالملمات


Share:

Monday 26 September 2016

التجريب

التجريب يقصد فيه هنا هو القدرة على اختبار الجديد و فحص مدى ملاءمته للشخص او الجماعة.
في الحقيقة الانتقال من القديم للجديد و اختيار الافضل من الجديد عملية محفوفة بالمخاطر. فالتكلفة و الوقت اللازم للتأقلم كلها عوامل تجعلك على الدوام مترددا في التجريب. الانسان عندما يعتاد على شئ يصبح الانتقال الى شئ آخر دونه حواجز نفسية يصعب معها الاعتياد على الجديد بل تصل الأمور في أحيان كثيرة لمقاومة الوافد الجديد و معاداته و العمل حتى على افشاله.
فطوال التاريخ المدون للانسان نجد الفكرة الجديدة مرفوضة بل و محاربة. و لكن قبل الوصول للجديد، تمر الافكار بمرحلة اختبار لاثبات مدى صلاحيتها و مناسبتها للواقع. هنا التكلفة الكبرى و المخاض العسير. فالاختبار بحد ذاته هو مغامرة احتمال فشله أكبر كثيرا من نجاحه. فالأفكار و المنتجات الجديدة تخرج من بين آلاف الرديئة أو غير الناضجة. انها عملية بحث تشبه تماما البحث عن ابرة في كومة قش.


Share:

Sunday 25 September 2016

في البحث عن هوية


كانت الحياة بالنسبة لي هي ساحة فرح و انجاز، تقدم و تطور و تحقيق احلام. كنت اتنقل بين وجوه الناس و اغرف منها السعادة. كل من أراه سعيد او ربما يعيش في طمأنينة.
استنتاجي ذاك كان ساذجا. عرفت ذلك بعد اعوام. معظم الناس تخفي همها بابتسامة و ترفض ان تظهر ضعيفة. الحزن ضعف و الفقر ضعف و العبوس ضعف. كل تلك المظاهر يحرص الناس على اخفائها. فالمجتمع حيث نعيش يحب القوي و يحب الغني و يحب القوي. يحبهم أحيانا خشية و احيانا خوفا و احيانا احتراما. المجتمع حوالينا يكره الضعيف و يشفق عليه بعد لومه و التنظير حول سبب ما هو فيه.
أيقنت بعد سنوات أن السعادة هي مفهوم مختلط و نسبي. لكنه في النهاية مصطلح يطلق على عواهنه. في أحيان كثيرة علينا استبدال مصطلح السعادة بالقدرة. فالقدرة هي مفتاح السعادة و هي أساسها. معظم من يعيش سعيدا يعيش كذلك لان لديه القدرة على تغيير اتجاهات حياته و حياة من يهتم بهم. القدرة هي الاساس و السلطة و القوة و المال هم جزء من القدرة.

عندما نتحدث عن القدرة كشرط للسعادة نصطدم بمحدودية قدرة الانسان مهما بلغ من قوة و جبروت. القدرة الكلية شئ لا يملكه الانسان ابدا. لذلك تراه حتى في غناه و قوته يفتقد للسعادة. الفقير يظن ان المال و السلطة يحققان شرط السعادة دون ان يعي ابدا ان السعادة لا ترتبط ابدا بهذين الشرطين. فالمال و السلطة و القوة سيرتبان على من يملكهما التزامات قد تزيد من مشاكله و تجعله يحن الى أيام كانت البساطة تطبع حياته. تعقيد الحياة تنبع اساسا من ازدياد العلاقات مع المحيط. فالمحيط بطبيعته يولد المشكلات و بالتالي يولد آليا الحاجة. الحاجة هي أساس كل ما نراه من صراع و تدافع بين الناس. الحاجة بازدياد العلاقات تزداد و يدخل هكذا الانسان في حلقة مفرغة لا تنتهي.

اذا كنا فعلا نرنو للسعادة فعلينا اولا تقليل حاجتنا و تقليل علاقاتنا و تبسيط حياتنا الى الحد الادنى. و لكن هل هذا ممكن؟

Share:

Telegram

Podcast