Saturday 27 March 2010

سفر رحلتي الى عنتاب – 5

سفر رحلتي الى عنتاب – 5







كانت الرحلة سريعة عشوائية و غير منظمة. إني أعترف بذلك ، لكن الرحلة و رغم العيوب السابقة أعطتنا فكرة عما يدور خلف الحدود عن طريقة حياة تختلف شيئا ما عن طريقة حياتنا ..و عن أشياء تشبهنا كثيرا كنا نجهل وجودها هناك.




المفاجأة بالنسبة لنا هو أن القنصلية السورية في عنتاب لم تكن تبعد أكثر من مئة متر ن الفندق الذي كنا نقطن فيه. ألم أقل لكم انه
الجهل بالمكان. اكتشفنا ذلك يوم مغادرتنا عنتاب صباحا. قررنا العودة "بالتاكسي" . قيل لنا بأن مكان تواجد سيارات الأجرة المتجهة إلى حلب هو بجانب القنصلية السورية. مشينا في شارع فرعي ضيق نوعا ما متفرع من شارع أتاتورك لنفاجأ بالقنصلية السوية و سيارة أجرة واقفة بجانب مكتب لخدمات التاكسي.




ركبنا التاكسي و أنطلق بنا إلى حلب. خرجنا في الثامنة النصف صباحا و وصلنا حلب في العاشرة و النصف صباحا.
انتهت الرحلة و عاد كل منا إلى عمله .
الرحلة هذه ليست بتلك العظيمة لكن من الجيد أن نكتب عما رأينا و ما سمعنا و عما شاهدنا. فالأسطر ذاكرة لا تمحى مع الزمن ..مهما مر الزمن و انقضت الأيام.
Share:

Wednesday 24 March 2010

سفر رحلتي الى عنتاب – 4

سفر رحلتي الى عنتاب – 4



انها حلب الثانية .. قل انها توأم حلب ..هذا ما خرجت به منذ الساعات الأولى لوجودي في عنتاب. عادة يقارن الانسان بين المدن التي يزورها . المقارنات عادة تتم بدافع الفضول أحيانا و الرغبة في التعرف على تفاصيل الأمكنة في أحيان أخرى. المقارنات تثبت التفاصيل و تجعلها لا تفارق العقل يستحضرها في كل مرة يزور فيها مكانا يشبه مكانا أخر زاره من قبل.
كنت قد سمعت سابقا عن الشبه بين عنتاب و حلب . كثيرون يقولون أيضا أن مدن حلب و الموصل و عنتاب تتشابه بطريقة غريبة. ربما هو تأثير التاريخ أو ربما هي تلك الرابطة الخفية التي جعلت اقتصادات الأمكنة متشابهة الى حد التطابق هي من جعلت مثل هذه الأراء تلقى صدا و الأراء التي تلقى الصدا هي بالتأكيد تلك التي على الأقل لها مؤيدون مؤثرون .
القلعة التي تتوسط عنتاب و التفاصيل المحيطة بها من أسواق و خانات و مساجد تاريخية كلها تجعلك تقارن عنتاب بحلب. كنت قد سمعت من قبل عن قلعة عنتاب الا ان التدقيق في تفاصيل المكان و من أرض الواقع تجعلك تيقن أكثر مدى الشبه بين المدينتين.
العمارة متشابهة الى حد كبير . الحجر الكلسي الأبيض أساسي في عمارة المدينة القديمة. ألم أقل في السطور السابقة عن تشابه في اقتصاديات المدينتين .. أضيفوا الى هذا تشابها في جغرافية المكانين و المحيط الذي يحيط بهما.
عنتاب ليست بتلك المدينة الرئيسية الهامة في تركيا . تسبقها مدن كثيرة في الأهمية .لكن الصبغة الشرقية التي تصطبغ بها تجعلك تيقن بأنك في مكان ليس ببعيد عن روح الشرق. صحيح أن الحداثة تسللت الى المكان .. الا أن المحافظة لها طابع ثابت لا يمكن أن تهجره مدينة كهذه .
التشابه بين حلب و عنتاب قائما في الشكل و المظهر الخارجي للأبينة. حتى المباني الحديثة منعها تشابه مباني حلب . الطابع العام هو محدودية عدد طوابق الأبنية و تلاصقها بحيث يشكل هذا التلاصق سوقا يعج بالدكاكين المتجاورة الممتدة الى ما لا نهاية.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن أقول ان عنتاب تتفوق فيه على حلب هو نظافة الشوارع المدهشة و خلوها من الحفر و المطبات.
حلب مأزومة بالمطبات و الحفر العشوائية التي تكاد تجعل المدينة ورشة غير منتهية توقفت بعد أن أفلس متعهدها أو مقاولها حتى انه أصبح عاجزا عن ترميم أي شيء أو حتى نقل بقايا الحفريات الى مقلب للنفايات.
أينما وليت وجهك في هذا االمدينة ترى محلات البقلاوة و الكباب و اللحم بعجين منتشرة في كل مكان. قد تتجاور المحلات و تلتصق ببعضها البعض ..تبيع نفس المنتج الا أن كلا يضع صبغته الخاصة على منتجه جاعلا اياه متميزا عن الأخر المجاور. أدهشتني البقلاوة بالشوكلاته في أحد المحلات .لم يسبق لي أن رأيتها من قبل . انها تعرض في واجهات المحلات كأي بضاعة أخرى تجذبك اليها . ربما كانت هذه البقلاوة موجودة في حلب لكني لم يسبق لي أن رأيتها. ربما هو عدم ولعي بالحلويات العربية أو الشرقية هو ما يجعلني لا أفتش وراءها و ربما هي صدفة وجود هذه البقلاوة في واجهة المحل هو ما جعلني أجبر على رأيتها و التلذذ بمنظرها.
لم نأكل البقلاوة ،بل أكلنا شيئا يشبه " الهيطلية"و هي حلوى مصنوعة من الحليب و مخبوزة في الفرن لم أعد ما يطلق عليها بالتركية..
Share:

Monday 22 March 2010

سفر رحلتي الى عنتاب – 3


سفر رحلتي الى عنتاب – 3

دائما اللغة هي الحاجز…
هذا ما أكتشفته منذ لحظة وصول القطار الى محطة غازي عنتاب. منذ البداية اكتشفنا أن صعوبات سترافقنا. لقد كانت الرحلة غير مخططة في الأساس . كانت رحلة ارتجالية. لم نكن نعرف حتى اسم شارع هناك.أخذنا نحاول السؤال عن عنوان فندق أو حتى عن مكان قريب نستطيع من خلاله أن نبدل فيه العملة السورية بالتركية. لم يفهم منا أحد شيئا . استخدمنا العربية و الانجليزية لمحاولة التفاهم الا أن واحدة من هذه اللغات لم تنجح في جعلنا نصل الى هدفنا.
فجأة سمعنا صوتا من خلفنا يقول لنا: ” تبحثون عن فندق”
التفتنا نحوه هازين برؤوسنا … كان أحد ركاب القطار الذي أقلنا من حلب و في يده حقيبة صغيرة.
قلنا مستطردين هز الرأس: ” و نريد تصريف العملة أيضا”
قال :” اتبعوني “
تبعناه و هو يخترق الأرصفة بثقة حتى وصل الى منعطف و توقف. أخذ ينظر حواليه ثم فجأة تابع مسيره قبل ان يضع يده في فمه و يطلق صافرة قوية جعلت سائق حافلة تمشي بسرعة متوسطة تقف. ركب و ركبنا معه . كل هذا و نحن لم نتعرف عليه .نعرف فقط أنه قد أتى معنا على متن نفس القطار.
لم تمض دقائق قليلة حتى كنا في وسط المدينة. عرفنا ذلك من زحمة الناس و الأسواق الممتدة على امتداد النظر.
أخذ دليلنا يمشي بخفة و سرعة بين الأزقة متنقلا بين زقاق و أخر حتى وصلنا الى محل صرافة دخل اليه معنا وحدث موظفه بالتركية ثم سألنا عن المبلغ الذي نريد تحويله الى التركية .
أتممنا التحويل بسرعة و خرجنا . قال لنا :
- الأن عليكم أن تدفعوا لي أجرة السرفيس. دفعنا له ثم سألنا : ” أين ستمكثون .. هل عندكم عنوان فندق معين ؟
قال خالي:
- نعم …
-ثم ذكر له اسم فندق و سعر الليلة الواحدة فيه .كان خالي قد قرأ عن هذا الفندق في احدى الصحف الاعلانية في حلب دون أن يعرف له عنوانا او يدري عنه تفصيلا.
استهول السعر قبل أن يخبرنا بأنه ينزل عادة في فندق نظيف و جيد بأقل من هذا السعر بكثير ثم يخبرنا عن عمله في تجارة الألبسة و تردده المتكرر الى عنتاب. استحسنا ما قاله و أخذنا نتبعه الى الفندق الذي يمكث فيه.
ضل صاحبنا الطريق و لم يعد يعرف مكان الفندق. عرفنا ذلك من تكرار مروره من نفس الشوراع أكثر من مرة دون أن يعرف أين يقع فندقه.
التفت الى خالي و طلبت منه هامسا أن نفك ارتباطنا بهذا الرجل و نقصد الفندق الذي ذكر اسمه .أحس الرجل بما قلته . بادر قائلا:
- اذا أردتم أن تبحثوا عن فندق أخر فلكم الخيار…
ودعناه بخجل و أوقفنا أجرة و طلبنا من سائقها أن يقلنا الى الفندق الذي ذكر خالي اسمه .
لم يكن الفندق بعيدا عن المكان الذي كنا فيه . ما هي الا خمس دقائق حتى كنا أمام فندق جيد بمظهره الخارجي و ممتاز بردهته و تفاصيل “اللوبي”.
وقفنا نسأل موظف الاستقبال عن التكلفة فاذا بنا نصدم بعدم معرفته للانجليزية . أخرج لنا ألة حاسبةو كتب لنا سعر الليلة على شاشتها . كانت التسعيرة باليورو. كانت تقارب ال 120 يورو . التفت الي خالي و قال لي:
- أليس بغال؟؟
هززت رأسي موافقا .خرجنا من الفندق و قصدنا واحدا مقابله أخبرنا موظف الاستقبال بأنه أرخص سعرا .كان بالفعل أرخص سعرا لكنه في نفس الوقت كان جيدا في خدماته و نظافته.
استقرينا في هذا الفندق و بدأنا الرحلة الحقيقية.
Share:

سفر رحلتي الى عنتاب – 2

سفر رحلتي الى عنتاب – 2

تستغرق الرحلة في القطار خمس ساعات تقريبا .. أي أنها أطول بكثير من الوقت الذي تستغرقه رحلة مشابهة الى نفس المدينة عبر الطريق البري. كانت الدنيا معتمة وقت خروج القطار من حلب. قضيت ربما ساعتين في نوم عميق قبل الوصول الى نقطة الحدود التركية .ختتمت الجوازات على عجل و أكملت الرحلة الى عنتاب . الجزء الثاني من هذه الرحلة كنت فيه مستيقظا محاولا مراقبة المكان و مقارنته بالطرف الأخر من الحدود .الطبيعة متقاربة في تشكيلاتها و الناس نفس الناس لا يختلفون عمن تركتهم في سورية. أشكالهم متشابهة و عاداتهم كذلك. كنا و كلما مررنا في قرية أو بجانب راع تركي تجده يلوح لنا بيديه مرحبا بنا و كأنه يقول لنا مرحبا بكم عندنا ..لقد طال البعد و لكن حان وقت اللقاء.ربما كان ذلك نابعا من تأثير السياسة و تقلباتها. بعد سنوات طويلة من الجفاء الذي استغرق ما يقارب القرن .. فتحت الحدود و أضحى عند الناس على جانبي الحدود شعورا بأن ما هو صحيح قد حصل و ما هو استثنائي عابر قد رحل.أكثر ما لفت اننباهي كانت أناقة حرس الحدود التركي . فرغم أن اللباس العسكري مرتبط عندي على الدوام بانعدام الأناقة و قلة النظافة .. الا أنني قد غيرت رأي عندما رأيت الشبان الصغار من حرس الحدود التركي في كامل أناقتهم يقفون على الحدود ببذلاتهم الأنيقة و سلاحهم المهيب.لا أعرف لماذا استحضرت في تلك اللحظة هيئة جنودنا العائدين من لبنان بلباسهم الرث و و حافلاتهم المتهالكة التي كانوا يركبون فيها.سألت عسكريا سابقا عن المشهد و مقارنته فقال لي بأن الملوم في مثل هذه الحالات هو القائد لا الجندي فهو الذي يفرض النظام في قطعته العسكرية و هو الذي يساهم في الفوضى.كانت صورة محددة تمر في مخيلتي عند المقارنة. انها صورة جندي يلبس بنطالا يختلف لونه عن لون سترته في مشهد مضحك لجندي هيبته جزء من جنديته.
Share:

Sunday 21 March 2010

سفر رحلتي الى عنتاب – 1

سفر رحلتي الى عنتاب – 1
لم يخطر ببالي أن أزور تركيا خلال هذا الشهر. لأ أعرف كيف خطرت الفكرة و كيف اتخذت القرار الذي كان مؤجلا منذ زمن طويل.ربما هو التحدي الذي كان بيني و بين خالي رفيقي فيهذه الرحلة و الذي كان المحفز الأول للقيام بها.
بعد سنوات من التردد النابع عن كسل داخلي أو قل خوف من شيء لا أعرف او قل حتى خزف من مفارقة "الماما" قررت أن أجتاز الحدود لأرى عالما ظللت اتابعه عبر القنوات التركية التي أدمن سكان حلب على مشاهدتها دون أن يفهم وا منها شيئا قبل عصر " الدش" خلال التسعينات من القرن الماضي.
ظللت خلال السنوات الماضية أتحدى بعنف خالي أن يذهب معي الى تركيا و في كل مرة كان يوافق فيها على السفر معي تجدني أتهرب منه بحجج مختلفة.
هذه المرة كان القرار نهائيا بعد ان أيقنت بأنني ان لم أتخذ هذا القرار الصغير فلا يمكن لي بعدها اتخاذ أي قرار أخر أكبر منه أو ربما في حجمه.حجزنا مقعدين في القطار الذي يغادر حلب الى عنتاب التركية(تبعد 120 كم عن حلب في الطريق البري) في الخامسة صباحا من كل يوم ثلاثاء و غادرنا لا نعرف بالضبط لا نعرف غير أننا نقصد عنتاب دون أن نعرف و لو حتى اسم شارع هناك.
Share:

Telegram

Podcast