Friday 31 January 2014

السوريون نشروا القهوة في العالم


السوريون نشروا « قهوة البن » في تركيا وأوربا وأمريكا 
ـ اختلاف العلماء حول « قهوة البن » جعلها موضوعاً فقهياً وأدبياً وسياسياً لمدة مئة عام .
عامر رشيد مبيض ، مؤرخ حلب عالم آثار
قهوة البن في سورية ومصر ، انتشرت بواسطة الصوفيين لأنها تحافظ على صفاء الذهن الضروري. وفي الجزائر تُسمى الشاذلية . وفي سورية يسكبون الفنجان الأول على الأرض ، لأنه حصة الشاذلي . 
ـ يمكن القول أن وصول القهوة إلى سورية ، وبروز المقاهي لأول مرة ، كان من الأحداث المهمة في التاريخ الحضاري لسورية . 
ـ انقسام الفقهاء والشعراء حول شرب القهوة :
لقد أدَّى انقسام الفقهاء والشعراء حول شرب القهوة إلى بروز نتاج مثير فقهي وشعري يمثل الطرفين المختلفين :
أ ـ الطرف الذي يُحلل ـ القهوة البنية ـ ويمتدحها : الأدباء ، وهواة الموسيقا والمسرح .
ب ـ الطرف الآخر الذي يُحرم القهوة ويحمل عليها . 
ـ المقهى في سورية تحولت إلى مراكز ثقافية :
لقد أدَّى انتشار القهوة في سورية إلى بروز « بيوت القهوة » أو المقاهي كما سنعرف لاحقاً ، التي تحولت مع الزمن إلى مراكز ثقافية واجتماعية بعد أن أصبحت تشد الأطراف لتقضية أوقات الفراغ ، وممارسة بعض الألعاب « الطاولة ـ الشطرنج ـ الورق .... » وتجذب المثقفين ، وتجمع الفنانين .
ـ المؤرخون ميزوا بين القهوتين في سورية :
إنَّ القهوة « المقهى » في المجتمع السوري ، كانت معروفة منذ العصر الأموي ، وقد حرص المؤرخون المعاصرون في سورية على التمييز بين القهوتين ، إذ أطلقوا على الجديدة « قهوة البن » أو « القهوة البنية » لتمييزها عن « القديمة » الخمرة . 
ـ وفيما يتعلق بوصول وانتشار « قهوة البن » في سورية الطبيعية نجد أنَّ الروايات المختلفة تربط ذلك بعدة أشخاص ، وبالتحديد بثلاثة من الشيوخ والفقهاء بالنسبة لعصرهم :
1ـ الشيخ محمد بن سعيد الذبحاني ، توفي « 1470م » والذي يُقال أنه قد حمل « قهوة البن » إلى عدن ، ومنها انتقلت عبر البحر الأحمر إلى الشمال .
2ـ الشيخ علي بن عمر الشاذلي ، توفي « 1408م » الذي يرجح بأن يكون قد تعرف على « قهوة البن » في الحبشة خلال نشره للطريقة الشاذلية .
3ـ الشيخ أبو بكر بن عبد الله المعروف بـ « العيدووس أو العيدروسي » الذي جاء من اليمن واستقر في دمشق ، وعُرف بـ « مبتكر قهوة البن » توفي « 1503م » .
ـ الصلة بين القهوة ورجال التصوف :
يلاحظ هنا على الرغم من اختلاف الأشخاص أنَّ ما يجمع وجودهم في وقت متقارب وانتسابهم إلى إحدى الطرق الصوفية ، وبالتحديد إلى الطريقة الشاذلية . 
وفي الحقيقة لم يعد هناك من شك أن انتشار « قهوة البن » في سورية ومصر ، قد جرى في وقت متقارب نهاية « القرن السادس عشر الميلادي » بواسطة الصوفيين . وفي الحقيقة أنَّ هذه الصلة بين « قهوة البن » ورجال التصوف تبرز سواء حين يتعلق الأمر ببلد المنشأ « أثيوبيا » أو « اليمن » أو في البلدان التي انتشرت فيها سورية ومصر ، إذ أنَّ « قهوة البن » كانت مناسبة للصوفيين ، فاستخدمت في دوائر الصوفية لأنها تحافظ على صفاء الذهن الضروري لأعمال التقى في الليل من تسبيح وتأمل .
ـ الفنجان الأول ، وعادة كسر الفنجان في الأعراس السورية :
وهكذا نجد أنَّ « قهوة البن » في الجزائر تُسمى شاذلية ، نسبة إلى الشاذلي ، بينما نجد في سورية إلى مطلع القرن العشرين ، صاحب البيت حين يأخذ دلة القهوة من على النار ، يسكب الفنجان الأول على الأرض ، لأنه حصة الشاذلي ، لاعتقادهم أنَّ الشاذلي ، هو الذي ابتدع شرب « قهوة البن » أو هو أوَّل من شربها ، وأنهم إذا لم يرموا هذه من الفنجان تنقلب دلة القهوة على الأرض حتماً . ثم استبدلت عادة سكب الفنجان الأول على الأرض ، بكسر فنجان القهوة في الأعراس السورية ، ضمن العرف القديم : حصة الشاذلي . ونتيجة انقطاعنا الطويل عن التراث ، ظنَّ بعضهم أن عادة كسر الفنجان في الأعراس السورية ، معناه : ما حدا يشرب قهوة من بعدي ، وهذا بعيد تماماً عن المنطق . 
ـ اختلاف العلماء حول « قهوة البن » :
ـ ونظراً لتصادف وصول « قهوة البن » وانتشارها في سورية مع دخول سورية في إطار الدولة العثمانية ، فقد أصبحت « قهوة البن » قضية عثمانية وإسلامية عامة ، وليست قضية سورية فقط .
وفي الحقيقة ، لقد اختلف العلماء الواردون والقادمون والنازلون في سورية حول « قهوة البن » مما جعلها موضوعاً فقهياً وأدبياً وسياسياً لمدة مئة عام ، فقد دفع هذا الخلاف ، العلماء إلى تأليف الرسائل المختلفة ، سواء مع « شرب قهوة البن » أو ضد « شرب قهوة البن » وأثار قريحة الشعراء المناصرين والمعارضين « لشرب قهوة البن » ووصل الأمر أخيراً إلى شيخ الإسلام ، والسلطان العثماني سليمان القانوني ، مما جعل الأمر يتعلق بالدولة العثمانية ككل .
ـ مرسوم من الباب العالي بتحريمها :
في مطلع عام 1545م ، عُين الشيخ محمد بن عبد الأول الحسيني ، قاضياً في دمشق ، واتفق مع بعض العلماء المعروفين في دمشق بتحريم « شرب قهوة البن » ونادى بإبطالها في يوم الأحد المصادف 7 ربيع الأول 953 هـ/1545م ، ولم يكتف القاضي بهذا ، بل عرض أمر إبطالها على السلطان سليمان القانوني ، فورد أمره بإبطالها في شهر شوال سنة 953هـ/1546م . ويبدو أنَّ هذا الأمر السلطاني بتحريم « شرب قهوة البن » لعله استند إلى فتوى من فتاوى شيخ الإسلام . 
ـ شيخ الإسلام لم يُحرم شرب القهوة :
وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ شيخ الإسلام في الدولة العثمانية كان يُمثل المرجعية العليا ، وكان السلطان يلجأ إلى فتوى منه قبل اتخذا أي قرار مهم ، وفي ذلك الحين كان يتولى مشيخة الإسلام أبو السعود العمادي ، الذي شغل هذا المنصب في الأعوام « 1545 ـ 1574م » ومع أنَّ أبا السعود ، عُرف كعالم متنور ، إلا أنَّ موضوع « شرب قهوة البن » عُرض عليه بشكل متحيز ، بعدما قرر له اجتماع الفسقة على شربها ، فأجاب بقوله : « ما أكبَّ أهل الفجور على تعاطيه ، فينبغي أن يتجنبه من يخشى الله ويتقيه » .
في الواقع أنَّ ذلك الموقف من « شرب قهوة البن » لشيخ الإسلام لم يكن « تصريحاً بتحريمها » بل يقتضي أن الأولى « تركها حذراً » كما فُهم من المثقفين في ذلك الوقت . ولذلك فقد اختلف الأمر بعد وفاة السلطان العثماني سليمان القانوني ، سنة « 1566م » وعاد الناس إلى شرب « شرب قهوة البن » ثانية .
ـ تجارة « قهوة البن » :
كانت تجارة هذه المادة رائجة بدليل وجود كثير من القضايا الشرعية التي تشير إلى المتاجرة بمادة البن . ويُضاف إلى تجارتها ، أنَّ بعضهم كان يمتلك محلات لبيع « قهوة البن » المقاهي . ومن الأمثلة على ذلك في حلب : كان علاء الدين القلعي ، يعمل القهوة ويبيعها . أما محمد آغا بن عبد الله ، فكان يمتلك محلاً لبيع القهوة عند قلعة حلب . 
ـ ثورة شرب قهوة البن :
ومع أنَّ السلطان العثماني مراد الرابع 1623ـ 1640م ، بادر بشكل مفاجىء إلى تحريم « شرب قهوة البن » وحتى أنه أمر بإعدام بعض الأشخاص الذين تجاهلوا هذا المنع . إلا أن « ثورة شرب قهوة البن » لم يعد بالإمكان كبحها بقرارات فوقية من الباب العالي .
ـ السماح ببيع « قهوة البن » في الأسواق :
وهكذا سمح في عهد السلطان محمد الرابع 1648 ـ 1687م ، ببيع « قهوة البن » في الأسواق ، وعادت المقاهي إلى الانتشار من جديد .
ـ السوريون نشروا القهوة في القسطنطينية وأوربا :
يبدو أن انتشار شرب « قهوة البن » كان سريعاً حتى أنها تجاوزت الحدود السورية إلى القسطنطينية عن طريق التجار السوريين . ويلاحظ أنَّ انتشار المقاهي في المدن السورية أُنشأت في إطار الأوقاف ، وهو ما يؤكده في حد ذاته على مدى انتشار « قهوة البن » والإقبال على المقاهي . فالوقف بطبيعته كان يحتاج منشآت تدر عليه الدخل ، مثل « أسواق ـ خان ـ قيسرية ـ حمَّام » لتغطية النفقات التي تحتاجها المنشآت الأخرى . ومن هنا أصبحت المقاهي بعد انتشار « قهوة البن » وازدياد الإقبال على الأماكن التي تقدمها تمثل بالنسبة للوقف استثماراً جديداً من خلال تأجيرها . وأول من ارتاد المقاهي هم الأدباء ، ومن ثم أخذ يطلقون عليها في حلب اسم « بيوت المعرفة » بينما أسماها أهل دمشق ببيع « الخمارة » ومعنى الخِمْرة : الرائحة الطيبةُ ، و الخَمْرةُ كثرة الناس وزُحمتهم . وقد غنى المطرب العالمي صباح فخري :
خمرة الحب اسقنيها // هم قلبي تنسيني//عيشة لا حب فيها// جدول لا ماء فيه// يا ربة الوجه الصبوح .
ـ عامر رشيد مبيض ، مؤرخ حلب عالم آثار
مؤلف كتاب ـ شمس سورية تسطع على أوربا ـ 600 صفحة . يتضمن حضارة المدن المنسية وتحرير تاريخ آثار سورية من التزوير الاستشراقي ، وفضل المسيحيين السوريين على حضارة أوربا .

عامر رشيد مبيض
Share:

Wednesday 15 January 2014

إني أشفق عليك



اعتدت أن تتمدد على فراشك و تطلق عنان عقلك للامعقول. هل تراه فعلا اللامعقول؟ أم أنه القادم الذي لا بد منه. سيدي إنك في موقف صعب. أنت تعرف ذلك و تعرف أن الدنيا في هذه المرحلة قد أقفلت أبوابها أمامك و أنك تبدو عاجزا... فهناك عقلك حيث أهلك.. يعانون كما لم يفعلوا من قبل. 
ماذا عليك أن تفعل؟ انه السؤال الصعب، لكنه في النهاية يحتاج الى اجابة. أعلن لعقلك أنك تريد اجابة منطقية عملية. قد تقول لي بأن لا اجابة متوفرة في هذه اللحظة و أن الزمن فقط عندما يمر تتغير معه المصائر و تصبح الأشياء أوضح و العقل أصفى و الاجابات أسهل. 
في أحيان تنظر إلى نفسك بأنك فاشل و تنظر إلى من يعمل بأنه لا يجيد. هل هذه هي فعلا الحقيقة؟ فكر قليلا ستدرك عندها فورا أنك تظلم. فقلة الحيلة و ضعف المردود يجعل الأمور تتدهور. لاتقنط. في النهاية ستصل الى شاطئ. لا تجزع. قد تقول بأن القرف قد أخذ منك مأخذا و أضحيت تقضي الليل والنهار في رحلة من التفكير لا تنتهي. توقف و أرح عقلك فلا فائدة من تفكير لن يصل بك إلى مكان. إني أشفق عليك
Share:

Tuesday 14 January 2014

Postcard from Aleppo

I sent this post card to Windows of the World blog in November 2008. 



Quote from the Blog about my Postcard:

I received a postcard from Syria sent by Mustafa on 6 November, 2008. Showing on the postcard is the Aleppo Citadel which can be dated back as far as 16th century BC.


http://kajang-postcard.blogspot.ie/2008/11/syria-01.html?m=1
Share:

Monday 13 January 2014

دبلن... أنا آسف



آخر الليل مؤلم... يتبدى السواد أمامك و كأنه كل الحياة. تراقب الساعة صارخا في صمتك أن أسرعي قليلا حتى ينقشع الضوء و يصبح المنتظر واقعا. 
في زحمة الليل لا شئ أمامك الا الانتظار. في الصباح سيتقرر ان كان علي أن أخرج من حيث أنا الى اللامكان أو أن أظل في مكاني لأيام أخرى ريثما تتضح وجهتي.
قرفت من دبلن. هو قرف العاجز من المكان. ترافقك هذه المشاعر نحو أي مكان تصبح فيه عاجزا. المشكلة ليست في المكان نفسه. ففي قربي أناس يضحكون و يشربون و تسمع فرحتهم تعانق المساء.
جيراني الذين يقطنون فوق شقتي مباشرة يستمتعون كل ليلة بالموسيقى . أسمع ضحكاتهم و أصوات كؤوسهم و أنا في فراشي أنتظر كل ليلة. على كل هو العجز في المكان هو الذي يرسم لك ملامحه في ذهنك و المشاعر نحوه في قلبك.
دبلن ؛ أنت جميلة و لكني أنا العاجز... أنا آسف 
Share:

Sunday 12 January 2014

وصفة سارية السواس


أجلس في الركن القصي محاولا الفهم.. فما حوالي قد اقترب من العبث... يقول صديقي اياد: بل هو تخطى العبث... لقد وصل الى الجنون... 
أتبرم .. أتضايق... أبدأ بالسب و الشتم و اللعن حتى تستنفذ قواي... أخر صريع التعب...  ألتفت الى صديقي و أسأله عما يمكن أن أفعله... يضحك حتى تحمر وجنتاه.. ثم يقوم الى المسجلة و يقول لي بعد أن يضع شريطا فيها: عليك بسارية سواس... هي من ستريحك... ستشتم عنك و ما عليك الا الاستمتاع بمخارج حروفها... تخيلها أمامك... تهجو من تظنهم أن يستحقون الهجاء ... صدقني سترتاح...
Share:

Saturday 11 January 2014

رشة سكر

أدخل هنا لأبوح... تعب الداخل يرهقني... يجعلني حطام إنسان... هذه الفترة من أسوء الفترات التي تمر علي في حياتي... كنت أظن أن ترك خطيبتي لي هو أسوء ما واجهته في حياتي و سيظل كذلك العلامة الأكثر قسوة في هذه الحياة حتى يوم نهايتها...
في الدنيا قسوة و طعم مر بمرارة ما نراه و ما نسمعه. في لحظة تظنها الفرح و الهناء... لكنك لا تلبث أن تصدم بسوء الطالع فتصبح الحياة علقما لا ينتهي...
ان تفقد وطنا و تصبح مشردا دون بيت تعود اليه أو حضن دافئ  يعطيك الأمل فتلك قمة المأساة. أن يترافق كل ذلك مع قلة أو فاقة أو حاجة فان المرارة تصبح علة و مرضا لا أعرف إلى أين سيقود...
على كل الحياة هي هكذا... طعم مرارة يرش عليها أحيانا بعض السكر لتستسيغ قليلا طعمها... يخدعك السكر لكنه في النهاية غطاء للمرارة. 
أليس الدواء المر يغطى بطبقة من السكر ليبلع..؟ بعض الفرح هو سكر الحياة الذي يجعلنا نستسيغه..

Share:

Friday 10 January 2014

Tuesday 7 January 2014

جبل الشيخ قرب دمشق


منظر لجبل الشيخ قرب دمشق 


Share:

Sunday 5 January 2014

هجمة الالحاد و مشكلة المعرفة

تجلس أمام سامر الشاب العشريني الذي تبدو على ملامحه الوقار و الرزانة. كغيره من السوريين يبدو سامر مهموما بما يحدث في بلده. يقول بحزن بأن حياته قد انقلبت رأسا على عقب منذ ٢٠١١. يضيف : بأن مستقبلا كاملا قد تبخر .. يستدرك قائلا: حتى الآن. أنا جدا متفائل.. في النهاية الأمور ستتغير و سيندحر الارهاب... يلقي سامر اللون على الدين. يعتبره أس المشكلة في كل الصراعات التي نراها. لا يقبل النقاش في هذه القناعة الني تبدو مسيطرة عليه.. أسأله: هل هو الالحاد؟ يصمت ثم يجيب بتردد: لا أعرف. المشكلة أن هذه القناعة التي يمتلكها سامر يشاركه فيه آلاف ممن أوصلهم اليأس الى حافة الالحاد أو الى الالحاد نفسه. كثيرة هي الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقش مسألة الدين و ماهيته و القدرة على فهم الحياة من دونه و العيش بسلام دون حتى الايمان بأي دين. ينخرط سامر مثله مثل كثيرين في نقاشات كهذه تبدو لكل من يراقب لا نهائية مليئة بالتعميمات الخاطئة و الفهم القاصر للدين و أصله و جوهره ... 

هجمة الإلحاد

انها هجمة الالحاد على المجتمع المنهك... الالحاد بدأ يغزو الشاشات مستغلا تعب الناس من اجرام الاسلام السياسي و تصرفاته التي تنفر من الاسلام و ماهيته و جذوره.
كثيرة هي المؤشرات التي تقلق... صحيح أنها حتى الآن ما تزال محدودة الا أن الحذر يبقى واجبا. فكل القائمين على هذه الحملة التي تبدو غير منسقة هو الجهل بحقيقة الدين و تاريخه و ظروف نشأته و استمراريته و ما اختلط به عبر قرون من أفكار هي نتيجة تأثيرات المجتمع عليه. 
لنبدأ من الفهم، فالفهم هو السبيل الوحيد لتخطي مرحلة هي الأخطر على ثقافة الشرق كلها منذ الحروب الصليبية . الحروب الصليبية كانت أساسا حرب على الهوية و الحرب الحالية لا تختلف عن ذلك مطلقا بل هي  تأتي في سياق واحد وهدف واحد استعماري في أساسه و في كل تفاصيله. دعونا نبدأ في الفهم و المعرفة فهي السلاح الأمضى.

الدين واحد

من أولى أولويات الفهم و الوعي هو معرفة أن الدين هو واحد. فرغم تنوع التسميات للاديان المعروفة بالسماوية، الا أنها في الاصل واحد. هي الديانة التي قال عنها الله بأنها الحنيفية.  ترجع أصول التعاليم اليهودية و المسيحية و الاسلامية الى ابراهيم الخليل عليه السلام. فايراهيم الخليل حسب التصنيف الاسلامي هو أبو الأنبياء و من سلالته أتى كل الأنبياء و الرسل. و بالتالي فقد كانت رسالاتهم معتمدة على أصل واحد. انها تنويعات في الشكل لجوهر واحد أساسه التوحيد و الاقرار بأن الله واحد.  ان دراسة الاديان الثلاثة الرئيسية السماوية تثبت نظرية الدين الواحد . فالأساس هو التوحيد: توحيد الله الخالق و الابتعاد عن كل شرك به.
عندما نفهم هذه الحقيقة نستطيع فهم جوهر الدين و فهم كل الاشياء الأخرى المرتبطة به. فمن دون فهم الهدف الرئيسي للدين لا يمكن فهم كل التاريخ الذي تلا نشوء هذه الأديان و فهم طبيعة الصراعات الدموية التي حدثت لاحقا. هناك حقيقة أخرى تساعد أيضا في فهم العقيدة الحنيفية المبنية على التوحيد. تتشارك كل الأديان في قيم واحدة تقريبا.  فكل القيم  التي بنيت عليها الاديان هي في الاصل مبنية عبى الوصايا العشر الشهيرة. فكل هذه الأديان تشكل هذه الوصايا قيمها الأساسية و المفاهيم التي بنت فلسفتها كلها لترسيخها في نفوس أتباعها. عندما نفهم ذلك تصبح الاسئلة كثيرة عن سبب الصراع و سبب الدم الذي سال و ما زال عبر التاريخ. فادا كان أصل القيم واحد و المتفق عليه هو الجوهر فما سبب كل هذه الدماء؟ 
من هنا يبدأ البحث و تبدأ مغامرة الفهم المرصلة الى الزهد و البعد عن أي تشوهات تلصق بالله. 


Share:

Telegram

Podcast