Friday 7 September 2018

الجوع .. الثائر عندما ينغمس في السلطة

الجوع ..  الثائر عندما ينغمس في السلطة
رغم السيناريو الركيك نوعا ما و الإخراج اللاهث إلا أن فيلم الجوع  (  أصدار العام ١٩٨٦ لمحمود عبد العزيز و سعاد حسني و يسرا و عبد العزيز مخيون في لبطولة و مصطفى محرم كاتبا و  علي بدرخان مخرجا) يحمل الكثير من الأفكار التي قضى الكتاب قرنا كاملا يتجادلون حولها.
الفكرة الرئيسية للفيلم تدور حول السلطة. السلطة هنا تتمثل في فتوات الحارة القاهرية في نهايات القرن التاسع عشر و كيف تتحول من فريق إلى آخر بسبب تبدل موازين القوى و القوى هنا هي العضلات و القدرة على هزيمة العدو. يبدو الفيلم و كأنه حكاية تقليدية ترويها الجدات عن صعود بطل و هزيمة الأشرار لكن الفكرة الأقوى هي التي تأتي بعد انتصار البطل. فبانتصار البطل الحالم الثائر و هو انتصار أتى بمحض الصدفة مستندا على تراث عائلي من الفتونة يمتد لأجيال يحاول البطل أن يسقط مثاليته على عالم الحارة واعدا بالعدالة و المساواة لكنه يصطدم بمراكز السلطة الحقيقة الذين يبدلون ولاءهم تبعا للمنتصر للحفاظ على مكاسبهم و نفوذهم. ككل قصص السلطة و تفرعاتها تبدو الأمور معقدة بالنسبة للبطل (محمود عبد العزيز). فعندما تستتب السلطة ظاهريا له و يبدأ بمحاولة فرض العدل في الحارة يجد البطل نفسه أمام تحديات سلطة المال و سلطة الرجال التابعين له. هؤلاء متغيري الولاء على الدوام يبدؤون بالتذمر من التقشف الذي فرضه عليهم فيحاولون تدبير انقلاب عليه لكنه يفلت من المصير المحتوم بقوة عضلاته و شكيمته فيبدأ البحث عن أسلوب جديد أكثر نجاعة من القوة العارية.
على مر التاريخ كانت أعظم المعارك هي التي تحسم بالمال و النساء. فالمال شهوة يعطي من يمتلكه القوة و السلطة و الثقة بالنفس و النساء و سحرهن طريق الجحيم إن كانوا سلاح العدو ضد أي شخص و عندما يجتمع المال و الجمال في امرأة تجيد سحر الرجل و تدرك مواطن ضعفه يصبح الرجل أداة سهلة الإنقياد. هذا ما تم مع البطل عبر بنت شهبندر التجار (يسرى) الجميلة الفاتنة و الغنية الماكرة فيقع في حبها و يتزوجها و يصبح خاتما في اصبعها  خصوصا و أنها قد سلمته كل تجارتها فغرق في المال و التجارة و جمع معها السلطة و السلطة و المال إن اجتمعا اجتمع معهما الظلم و التسلط.
فيلم الجوع يحمل الكثير من أجواء روايات نجيب محفوظ خصوصا روايته المثيرة للجدل "أولاد حارتنا" و رواية "الحرافيش و هو ما واجه به المخرج علي  بدرخان حتى وصل الأمر لإتهامه بالسرقة لكنه نفى ذلك و قال في مقابلة معه بعد صدور الفيلم في العام ١٩٨٦: " أنا متأثّر بالحرافيش ولا أنكر··· أعجبتني··· ولكن إذا أخذت جزءاً منها فأنا أشوّهها! ··· وذلك معناه أني لا أفهم نجيب محفوظ· وأيضاً لم أفهم ''الحرافيش'' كعمل أدبي متكامل''· ويضيف بدرخان:''لي الشرف أن يوضع اسمي بجانب نجيب محفوظ، ولكن في هذا الحال سأكون غير أمين· وأكون متاجراً باسم نجيب محفوظ وأيضاً أغشّ المشاهد الراغب في رؤية عمل لنجيب محفوظ···''· 
Share:

Telegram

Podcast