Tuesday 26 June 2018

أم الغيث

يا لها من قصه
من هي ريا؟  بقلم : ماهر حميد
معظمنا غنى او شاهد الاطفال عندما يتأخر المطر ويعم الجفاف يحملون دمية صنعوها بما تيسر من قماش او صنعتها امهاتهم لهم وكانوا يحملونها الى اعلى ويجوبون بها الشوارع و يطرقون الابواب ويغنون
ام الغيث غيثينا ،،، ريا ميه واسقينا
وذلك استجلابا للمطر و كلما طرقوا باب لا ينصرفوا حتى يعطيهم اصحاب البيت حفنة من القمح رمز الخير للوفره او بعض الهدايا
هكذا هي في الجزيره السوريه العراقيه حيث ما يبدو انه منشأها الاصلي
و تختلف في النطق من منطقة الى أخرى اذ تغنى باللهجات القديمه في بعض المناطق كسهل نينوى : شارم شارم زيزا ،وتعني ام الغيث غيثينا

و لا تختلف كلمات هذه الاهزوجه إلا قليلا بين كافة مناطق الوطن العربي ولا تخرج عن عن كلماتها إلا بنزر يسير
فتلك العادة ليست مقتصرة على بلاد الشام فقط بل نجدها منتشرة في كل اصقاع الوطن العربي من المغرب الى رأس الخيمه مع اختلافات يسير في الالفاظ والطقوس
وفي الاردن يصنعون دمية تلبس ثوبا ابيض، يحملها عدد من النسوة المعروفات بالورع والتقوى ويخرجن بها الى ظاهر القرية او مضارب بيوت الشعر وهن يرددن الاهزوجة الشعبية المعروفة "يا ام الغيث غيثينا، بلي شوشة راعينا،
في حين يختلف الطقس قليلا عند العشائر في الخليج اذ تقوم به النساء بنصب الدميه امام بيت الشعر والالتفاف حولها ويقصدون لها
يا ام الغيث غيثينا ، وبلي بشت راعينا
في حين نجدها في الكويت
ام الغيث غيثينا ، وخلي المطر أيينا
و في بلاد المغرب   نجدها مرتبطه بقصة امازيغيه شديده الروعه تعرف بأسطورة عروس الغيث حيث العروس فتاة عذراء خجوله وجميله إسمها تسليت و عريسها إسمه أنزار وهو إله المطر و كلمة تسليت انزار تعني ايضا قوس قزح كما للاسطوره اسم اخر هو اله بويا ، وتسمى الدميه أغانجا وتعني المغرفه وتعني ايضا البوار
وتخرج النسوة يجبن الأحياء في مجموعات مرتديات الزي التقليدي يرددن الاهزوجه تتقدمهم امرأة حاملة الاغانجا ويجب ان تكون اكبر اخوتها ومتزوجة من ابن عمها في بعض المناطق ، ويردن :
أربّي ارحم أغ س وامان أنزار» بمعنى يا ربّي ارحمنا بغيثك
. وأثناء جولتهن يتوقفن عند كل باب لا ينصرفن عنه حتى يعطيهن أهله شيء من العطايا من المؤونة كالسكر والزيت والدقيق
وفي معظم هذه الطقوس يقومون الناس باعطاء الهدايا للمستسقين و رش الماء على الدميه
ان اول ذكر اركولوجي لدينا للاستمطار يعود الى عام ٢٤٠٠ ق م في سومر بأحتفال  أكيتي يقام في الربيع يوم اقتراب الارض من السماء وهو يقام في الانقلاب الشمسي حيث كان تاريخه في رأس السنه اذار ، نيسان
وهو الشهر الذي اختار فيه الاله انليل الشعير كمحصول مقدس بناءً على طلب الاله إيا
و لو فصلنا كلمة  الى جذريها السومريين . إيا ،( إ ، ماء )،( يا ، بيت) ، وهذا يعني بيت الماء
اما الكلمه اكيتي ، إ ، تعني الماء ، كي ، تعني ارض ، تي ، تعني جلب او تقريب
ومن المثير ان نجد نصوص ورسومات تمثل هذا الطقس القادم من فجر التاريخ حيث تتقابل فيه نساء بشعور طويله ثم يبدأن بتحريك اجسامهن و برمي شعرهن يمينا وشمالاً ( كرقص الغجر الحالي ) ونجد هذه ذاتها في لقى سامراء التي تعود الى قبل ٥٥٠٠ ق م
كما يتضرع الناس بالاله (انكي/ايا). ويصاحب تأدية صلاة الاستسقاء مراسيم معينة كأن يلبس احدهم لباس العفاريت ويبدأون بسكب الماء عليه وتتم قراءة تعاويذ لطرد الارواح الشريرة التي ،حسب معتقداتهم، انها كانت تحبس المطر.
وكان سنحاريب قد تضرع للاله انكي حين انحبس المطر
من الرائع  جدا ان تصمد هذه الاسطوره اكثر من خمسة ألاف سنه رغم نزول الاديان السماويه وتصبح جزء من حياتنا نمارسه بفرح كما كان يفعل اجدادنا ، فقط ما قمنا به هو استبدال اسم ربة الماء إيا ، بأسم ريا او تسليت او بلينا أو اسقينا وهي كلمات تعني الري او السيل او البلل او السقي .

ماهر حميد

Share:

Telegram

Podcast