كانت فرصة مهمة بالنسبة لي للوصول الى أراء الناس بصورة أقرب ن تلك التي نشاهدها على التلفزيون. زيارة خاطفة الى سورية جعلتني مقتنعا بأن مشاعر السوريين في معظمهم متلاطمة. هي تريد التغيير لكنها تخشى العواقب. تتفاوت النظرة الى التغيير بين شخص و أخر ، بين سائق التكسي و أستاذ المدرسة و صاحب العمل.
أهلا بكم الى حلب.
المطار
تبدو الأمور طبيعية في مطار حلب الدولي . و كأن شيئا لا يحدث في سورية.انهاء اجراءات السفر عادية . لا شيء يوحي بأن شيئا مهما يحدث في سورية. سائق التاكسي الذي أوصلني الى البيت بدا في حالة جيدة . كان يبتسم طول الطريق الى أن فاجأه هاتفه برنة جعلته يتبرم قليلا قبل أن يستعيد ابتسامته :
"الشباب في المطار يريدون فطورا، انهم مستنفرون"
كان يشير الى أفراد الأمن في المطار .
الجو اللطيف في ذلك الصباح كان غريبا . انها نهاية أيار و في مثل هذه الأوقات من السنة يشتد الحر قليلا قبل موسم الحصاد. قال لي:
"طال الشتاء هذه السنة، منذ يومين أمطرت"
لم أسأله عن شيء و عما يحصل أو يمكن أن يحصل . ظللت أستمع اليه الى أن قال الي :
" انهم يشوهون صورتنا ..قناة الجزيرة تشوه صورتنا"
حكاية الناس
النظرة السابقة مسيطرة على حلب. معظم من التقيت يقولون ذلك : "انهم يشوهون صورتنا..." قليلون هم الذي يملكون نقدا حقيقيا لسلوك الدولة السورية . حتى أولئك الذين يملكون هذا النقد ، يتراجعون عندما تتكلم معهم عن المعارضة و التغيير يقول حسن و هو معلم مرحلة ابتدائية:
" بشار الأسد لن يترك الحكم .. لن يترك الحكم الا على بحر من الدماء ... من سيحكمنا ؟؟ عبد الرزاق عيد أم فريد الغادري؟؟ انهم نصابون و حرامية و لا يمكن الوثوق بهم "
يعاود حسن نفسه الى القول :" الدولة ارتكبت أخطاء ، طريقة المعالجة خاطئة ..لكنها دولة و الدولة عليها أن تفرض هيبتها "
النظرة هذه تراها في شوارع المدينة التي تبدو هادئة . المقاهي ممتلئة عن أخرها و المطاعم كذلك . لا شيء فيها يوحي بأن أحداثا كبيرة تحدث في سورية.
يتذمر البعض في حلب من المشهد. هم بالتأكيد موجودون ، سامي الطالب الجامعي يقول " كيف تدعو الدولة الى الحوار و تستعمل الدبابات للقمع . الدبابة لا تتسق مع الكلمة . الكلمة عليها أن تواجه بكلمة و الهتاف بتدابير سياسية تزيل هذ الاحتقان.
ادلب تغلق الوصل
كانت الأنباء تتواتر عن صدامات في جسر الشغور و سراقب و أريحا. قيل بأن طريق حلب دمشق قد أغلق بالصخور . سألت أحد سائقي التكسي ان كانت حركة كراج البولمانات على حالها الطبيعية أم أنها شهدت انخفاضا فقال بتحفظ:
"ليست كما كانت "
قال هاتين الكلمتين دون أن يزيد. معنا ذلك أن طريق حلب –دمشق قد أغلق أو على الأقل لا يشهد حركة طبيعية اعتيادية.
بعد صمت قال :
" يوقفون البولمانات الحلبية بالقرب من حمص و ينزلونهم من البولمانات و يقولون لهم بأنهم أرانب و أن أهل حلب أرانب"
نظرت اليه قبل أن يضيف :
" الحركة الى اللاذقية شبه منعدمة .نفس الكلام يقولونه لسائقي الحافلات وركابها في اللاذقية "