Thursday 21 February 2019

مراجعة كتاب قيس العزاوي "الدولة العثمانية من الخلافة إلى الإنقلابات"

لطالما كانت عملية صعود الدول و انحدارها و نهايتها موضوع درس للكثير من  المؤرخين يحاولون من خلاله فهم أسباب هذا  الصعود و الإنحدار. نشأت دولنا المعاصرة نتيجة تفكك الدولة العثمانية. هذا التفكك سمح لكيانات سياسية جديدة أن تبصر النور و الوعد لشعوب هذه الدول كان تدارك أخطاء العثمانيين التي أدت إلى الإنهيار.
يدرس قيس العزاوي في كتابه "الدولة العثمانية من الخلافة إلى الإنقلابات ١٩٠٨-١٩١٣" أسباب التدهور و ووصول الدولة العثمانية إلى مرحلة تبنت فيها الطورانية كدعوة عنصرية شجعها الغرب بل كان منشئها عبر المحافل الماسونية الفرنسية و الإنجليزية التي انتشرت في إنحاء الرجل المريض. تعود بداية تدهور أحوال الدولة العثمانية إلى نهاية القرن السادس عشر و  بداية القرن السابع عشر و تحديدا في نهاية حكم السلطان سليمان القانوني. يرجع الكاتب التدهور لعوامل عديدة لعل أبرزها -و هي التي شكلت أس المشاكل الأخرى التي نشأت بعد ذلك للعثمانيين- سيطرة الأوروبيين على التجارة العالمية و احتكارهم للذهب و الفضة بعد حركة الإستكشافات الجغرافية في نهاية القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر. استطاع الأوروبيون خلال هذه الفترة من السيطرة على طرق التجارة الدولية من الشرق إلى الغرب و السيطرة على مصادر الذهب و الفضة في العالم الجديد الذي اكتشفوه غرب الأطلسي. نشأ عن ذلك تدهور في ميزانية الدولة و مع استمرار بذخ الحكام و الطبقة الحاكمة و إنكفاء الخلفاء عن تأدية مهامهم و تعهيدها لبطانتهم و للإنكشارية زادت الأمور سوءا و رفعت الضرائب و المكوس على الفلاحين تحديدا الذين هجروا الأرض و ارتحلوا للمدن طلبا للعمل. ساهم الإنكشارية بشكل كبير في تضعضع أحوال الدولة. فكان تمرد الإنكشارية المستمر عاملا في إضعافها فأضحت أمور الدولة في يدها تتحكم في الخلفاء  و تعزلهم و تصطدم بهم في صراع استمر ٣ قرون حتى قضي على الإنكشارية و أنشئ الجيش الجديد بعد العام ١٨٣٦. لم يكن إنشاء الجيش الجديد و التخلص من الإنكشارية  الحل الذي كان ينتظره العثمانيون للحفاظ على دولتهم. فالجيش الجديد نظم على يد الأوربيين الذي نقلوا الفكر القومي الذي كان ينتشر في أوروبا خلال القرن التاسع عشر  إلى ضباط الجيش الجديد الذين تبنوا كثيرا من أفكار الأوربيين و أنشؤوا الحركات السرية الطورانية و استعدوا العرب و غيرهم حتى تمت لهم السيطرة على الحكم بين ١٩٠٨ و ١٩١٣ بعد خمسة إنقلابات.

Share:

Saturday 16 February 2019

الفقد و الكسب

القدرة على الكسب مثل القدرة على الفقد كلاهما نتاج عملية متسلسلة من التفاعلات داخل النفس البشرية. ليس المهم أن تكتسب، فالإكتساب هو فعل لحظي قد يحدث في لمح البصر لكن الحفاظ على ما اكتسبته هو القيمة و هو نتاج التفاعل في داخل الإنسان. فطالما كان هذا التفاعل إيجابيا و قادرا على إحتواء ما اكتسبته مانعا له من الإفلات منك حققت معنى القدرة على الكسب. و على العكس فإن عدم النجاح في جعل المكتسب يرضى بك و يقبل بما تبذله نفسك في سبيله يجعل المكتسب يفلت منك و هنا تتجلى القدرة على الفقد. فالقدرة ذات حدين و بعدين إيجابي إن أدت لدوام الإكتساب و سلبي إن أدت للتفريط في المكتسب. 

Share:

Telegram

Podcast