يورد الأخوان راسل في كتابهما تاريخ حلب الطبيعي ملاحظات عن وضع المياه في حلب و مصادرها. الملفت هي ملاحظة أورداها عن مشروع لزيادة تدفق نهر قويق المشهور تاريخيا بقلة مياهه. يقول المؤلفان أنه كان هناك مشروعا لوصل الساجور بقويق لزيادة تدفقه و زيادة مساحة الأراضي المروية و أن خطوات قد بدأت بالفعل للقيام بهذا العمل من مسح و تجهيز لكن متنفذين وقفوا ضد المشروع كونه سيخفض قيمة أراضيهم المروية في البساتين المحيطة بحلب و أوقفوه. المفارقة أنه بعد مئتي عام مما كتبه و أورده الأخوان تم وصل قويق بالفرات و جلبت مياه الفرات لحلب عبر قناة ضخمة فسقت حلب و روت أراض جدباء و حولتها إلى بساتين غناء.
انظروا إلى التاريخ و تقلباته و مشاريعه المعجلة و المؤجلة. دوام الحال من المحال و كل ما يظنه الإنسان دائم هو في الحقيقة مؤقت كوجودنا في هذه الدنيا.
Thursday 21 March 2019
المشروع التاريخي لوصل الفرات بقويق
Thursday 14 March 2019
تجربة المرض
لكل منا ذكرياته عن المرض. فلكل منا قريب أو صديق أصيب بمرض ما و عانى لفترة من آلامه و عاش تفاصيله و اكتوى بنار تكاليف علاجه. هنا لن أتكلم عمن قاده المرض للموت فتلك قصة أخرى و تجربة أخرى و ألم مختلف تماما. كثيرون منا يودون أن يعيشوا حياة بلا ألم و حياة بلا معاناة مع المرض و ملحقاته من أطباء و أدوية و مواعيد و أنظمة غذاء لكن هذه الإمكانية تصبح مستحيلة في عالم ملئ بالتحديات و المصاعب و الإرهاق النفسي و الجسدي.
***
معظم من أعرفهم يعانون من أمراض معينة محددة و يشتركون في المعاناة منها. غالبا ما تعرف هذه الأمراض بأمراض العصر تلك المرتبطة بالحياة و تفاصيلها المرهقة. أنا هنا أتكلم تحديدا عن الضغط و مرض السكر و أمراض القلب الشائعة. هذه الأمراض هي أساسا الأكثر انتشارا في المجتمعات الكسولة و المرهقة و التي تعيش تحت ضغوط الحياة المستمرة. إنها أمراض يصاب بها الناس كضريبة على رفاهية يعيشونها و أيضا يصابون بها نتيجة الفقر و الأسى الذين يصيبهم. فالفقير و الغني يتشاركون في الإصابة بهذه الأمراض. فالترف و الكسل و البعد عن الرياضة و النشاط هي عوامل إصابة الغني بها و الفقر و القهر و القلة هي عوامل إصابة الفقير بها.
***
القدرة على العلاج تتوقف على خيار الإنسان و مدى قدرته على الصمود و التحدي و التحكم بنفسه و تفاعلاته. لا يمكن لأحد أن يسيطر على مرضه دون أن يسيطر على نفسه. فالنفس هي سبب المرض و النفس هي سبب الشفاء فمتى ما استطعنا التحكم في أنفسنا و تفاعلاتها تمكنا من السيطرة على المرض و حتى الشفاء منه.