Sunday 20 March 2011

صحبة ذاك الأرق – 1

صحبة ذاك الأرق – 1

يعاني من الأرق منذ أعوام . أصبح حلمه أن ينام ساعتين متواصلتين . انه حلم كان يراه كما يرى السراب . يظل يطارده دون أن يستطيع الوصول اليه . نهض من فراشه و قد أيقن أنه لن يستطيع النوم . سأل نفسه : لماذا ?
أريد معجزة تجعلني أنام .
أجاب بنفسه على سؤال نفسه . نهض و اتجه الى مطبخ بيته الصغير و أخذ يعد لنفسه كوب قهوة سريعة التحضير. عاد الى غرفته . جلس على أريكة تقابل سريره و اشعل جهاز تلفاز صغير يقابل سريره و الأريكة التي يجلس عليها . أخذ يتنقل بين القنوات يحاول أن يلهي نفسه بشئ اما يتعبه فينام و لو لدقائق أو يجعل الوقت يمضي حتى يحين موعد ذهابه للعمل .
ظل هكذا لنحو الساعة . لم يتعب و لم يشعر بأن الوقت يمر . كان الوقت يمشي مشي السلحفاة . أحس بنفسه يختنق . صحيح أن هذا الشعور كان قد اعتاد عليه و تأقلم معه طيلة سنوات , الا أن ألم معاناة الملل و الأرق كان لا يفارقه .
قام من مكانه و قرر أن يمشي داخل البيت الصغير عله يتعب قليلا فينام أو على الأقل يقلل شيئا من سمنة أضحت واضحة عليه .
في هذا البيت الصغير المكون من غرفة و مطبخ و حمام , لم يكن أمامه فرصة للمشي الا بين المطبخ و الغرفة . المسافة لا تتجاوز ثلاثة أمتار هي طول الممر الواصل بين الغرفة و المطبخ الذي يجاوره حمام صغير .
أخذ يمشي و يمشي جيئة و ذهابا يتأمل في مشيته أشياءه المبعثرة في المطبخ و الأخرى المبعثرة في غرفته . وقف بعد عدة جيئات و عدة ذهابات و أخذ يحدق في كم الفوضى التي يعيش فيها.
قال لنفسه بصوت مسموع محاولا اقناعها :
انها ضريبة البيت الصغير . لا يوجد مكان كاف لأغراضي .الفوضى طبيعية في مثل هكذا بيت.
كان يكابر , كان محبطا مما رأه . صحيح أن هذه الفوضى ليست بالجديدة الا أنها المرة الأولى التي كان يتأملها بهذا الشكل.
Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast