Friday 12 May 2017

عن صلاح الدين و الشيعة


علاء حمودة

مفيش فايدة..

الدكتور يوسف زيدان، اللي قرر يرفع عليا قضية عشان انتقدت رواياته.. باعتبار إن تلك الروايات منزلة من فوق سبع سموات.. وجب علينا إننا نقراها و نقول آمين.. و نذكر اسمه و نردفه بـ"عليه الصلاة و السلام".. و إلا نبقى "لجان"...

قرر يدخل في سيل من المغالطات التاريخية. المتعلقة بحقبة حكم صلاح الدين...

طيب النهاردة مين بيدفع لي بصفتي لجنة.. صلاح الدين الايوبي؟؟

صلاح الدين لما قاتل الشيعة.. ماحاربش الشيعة فقط.. و مكانش بيبص للأمور بمذهبية.. و كان قلق للغاية من الفتنة السنية الشيعية..

و الحقيقة إن صلاح الدين الأيوبي جاء مصر.. بطلب خاص من حاكمها الفاطمي "الشيعي" اللي استعان بحاكم الشام "نور الدين زنكي" و دي كانت البداية و المقدمة لمجيء "صلاح الدين"..!

اتعين "صلاح الدين" وزير للدولة الفاطمية.. و هنا.. أرسل له "نور الدين زنكي" رسلة.. يطالبه فيها بتعديل الخطاب على المنابر.. و الدعاء  لخلفاء بني العباس على المنابر..

لكن صلاح الدين رفض الطلب دا بأدب.. و رجع الرسول لـ"نور الدين زنكي" و قال له.. إن دا حيتسبب في فتنة عظيمة و اقتتال أهلي و ماينفعش يتعمل...

المؤرخ "أبو شامة المقدسي".. و دا كان دمشقي و مؤرخ "نور الدين زنكي" نفسه بالمناسبة.. سجل لنا رفض صلاح الدين و قال في كتابه "الروضتين في أخبار الدولتين":

"فاعتذر صلاح الدين بالخوف من وثوب أهل مصر وامتناعهم عن الإجابة إلى ذلك، لميلهم إلى الفاطميين"...

لأ دا أكتر من كده.. ابن شداد و ابو شامة بيقولولنا.. إن "نور الدين زنكي" اصر على طلبه.. فتجاهله صلاح الدين تماما.. لحد ما اتوفي الخليفة الفاطمي "العاضد".. اللي عهد بالحفاظ على ولاده لصلاح الدين الأيوبي.. لأنه "لم يجد أكثر ثقة من صلاح الدين ليستودعه أبناءه ويوصيه بإكرامهم"...!!

تاني.. صلاح الدين كان سني.. و العاضد كان شيعي علوي...

و المؤرخ أبو شامة المقدسي بيكمل لنا الحكاية.. إن صلاح الدين نفذ الوصية.. و افرد للأولاد جناح خاص في القصر ووكل لهم من يعلمهم و يفقههم  "ونقل أهل العاضد إلى مكان منفرد، ووكل لحفظهم، وجعل أولاده وعمومته وأبناءهم في الإيوان في القصر، وجعل عندهم من يحفظهم"...

المؤرخ "بهاء الدين بن شداد" بيقول لنا عن موقف "صلاح الدين" من وفاة "العاضد":

"جلس السلطان للعزاء، وأغرب في الحزن والبكاء، وبلغ الغاية في إجمال أمره؛ والتوديع له إلى قبره"...

و لأن "صلاح الدين" كان "سني شافعي".. و الأزهر "شيعي علوي".. بدأ الأزهر يتحدى صلاح الدين في أمور كتير في إدارته للدولة.. فاجتمع بأرباب الأزهر ووضح لهم إن في خطر  أوروبي "الحملات الصليبية".. و إن دا مش وقت الفرقة المذهبية...

لكن الأزهر وقتها ماسمعش الكلام.. و فضل رجال الدين في التحدي دا..

و كانت خطبة الجمعة دي.. هي رمز سيادة الحاكم و شرعيته.. فلما يبقى صلاح الدين في الحكم و انت بتدعي لخليفة ميت.. يبقي كده بتعمل بلبلة و ارتباك هائلين.. و بتنزع الشرعية عن الحاكم...

هنا قرر صلاح الدين نقل خطبة الجمعة من الأزهر لجامع الحاكمي بالقاهرة.. و بكده.. اتهمش الأزهر.. و فقد قوته.. من غير ما يحرقه و لا يهدمه على رؤوس من فيه...

شوية و اجتمع أنصار السلطة الفاطمية.. مع بعض من رجال الأزهر.. و بعض المنتفعين اللي طمعانين في الحكم.. و قرروا يقودوا ثورة على صلاح الدين في وقت الخطر الأوروبي دا...!

اللي يقولك إنها كانت "ثورة شيعة ضد صلاح الدين السني".. يبقى مابيقراش تاريخ.. لأن من قادة الثورة دي كان فقيه و إمام سني شافعي.. زي صلاح الدين نفسه.. اسمه "عمارة بن علي المذحجي"...

الحكاية إذن مش حكاية "سنة و شيعة".. حكاية كرسي و منصب.. حتى إن الأخ "عمارة السني" دا من اللي مدحوا صلاح الدين و دعوا له.. فلما ما ادالوش منصب.. بقى بيتآمر عليه..

المؤرخ "عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العكري الحنبلي" بيقول لنا: إن "عمارة السني الشافعي"  بدأ يتواصل مع الفاطميين لإعادة دولتهم و الثورة على صلاح الدين.. فبلغه أمرهم "فشنقهم في رمضان" ...

الأسوأ من كده.. إن الإخوة "الثوار" وقتها.. سنة و شيعة مع بعض.. راح فرق منهم تتواصل مع قادة الحملات الصليبية.. عشان يضمنوا لنفسهم مناصب لما تسقط دولة "صلاح الدين"...

و كان صلاح الدين في منتهى الجزم و العنف.. مع الخونة من كل المذاهب.. سنة أو شيعة...

كان ايه المطلوب منه بالضبط وقتها؟؟

و للا يا ترى الدكتور يوسف بيمهد في عقول الشباب لفكرة " صالحوا الخونة واتعاملوا معاهم بالحب"؟؟

صلاح الدين لو كان تحامل على الشيعة في مصر مكانش قعد على كرسيه لحظة.. 70% من أهل مصر كانوا شيعة..

لو كان صاحب فتنة مذهبي بغيض زي البعض.. كانت مصر اتقسمت و اتفتت..

الكلام دا مش كلامي بالمناسبة.. دا كلام الكتب اللي في المراجع دي...

طبعا الردود جاهزة من دلوقتي و عارفها و الله: "دا بيدلس على متابعيه البسطاء" - ""دا لجنة و صلاح الدين الايوبي و أبو شامة المقدسي مقبضينه".. و الرد العالمي "أنا واخد جوايز"...

يا ريت اللي ييجي يبحث في التاريخ.. يبقى يبحث بنفسه يا جماعة.. و ينوع المراجع و يشوف الآراء و عكسها.. مايخليش حد يبحث له..

وياريت اللي ييجي يكتب قصة يكتبها بنفسه.. ماينقلهاش من حد.. لو ناقل من حتة يعمل هامش و يكتب هو ناقل من مين..

-------
مراجع
-------

1 - ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب 6|387...

2 - "الروضتين في أخبار الدولتين" - أبو شامة المقدسي..

3 -  موسوعة علماء العرب..

4 - سير أعلام النبلاء، للذهبي..

5 - أبو المحاسن بهاء الدين يوسف بن رافع بن تميم بن شداد - النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية...

6 - ابن تغرى بردى، جمال الدين أبي المحاسن يوسف (ت 874هـ/1469م): " النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة "، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة...

Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast