Wednesday 27 April 2022

القصة: حكايا جدتي

سأبدا حيث بدأت الحكاية. حكاية تعلق بسيرة وجدتها منذ أن بدأ وعيي على الدنيا و أحداثها تروى أمامي مرات و مرات حتى صرت مهموما بها و محاولا فك طلاسمها الكثيرة.. 

التاريخ العائلي عادة ملئ بقصص مبهمة دون توضيح تاريخي كاف يحوله إلى سيرة شفاهية شعبية فيها الكثير من القصص و القليل من التوثيق التاريخي. لكن حتى هذه القصص تكون عادة مليئة بالتفاصيل و المفاتيح المهمة التي تستطيع أن تتابعها و تتوصل في النهاية إلى رواية أقرب للصحة و أقرب للحقيقة.

منذ صغري كان تعلقي بمرويات جدتي شيئا لم أستطيع أن أمنع نفسي عنه. فمثل كل الجدات كانت قصص جدتي و حكاياها و مروياتها تشدني كثيرا و تجعلني أنتظر الليل لأنام في حضنها و لأسمع من حكاياتها و لأسعد بقبلاتها. 
في كل ليلة اعتادت ان تقص علينا أنا و اخوتي الذي يصغروني بأعوام قليلة جدا قصصا شعبية متوارثة عن جداتها. القائمة لم تكن كبيرة جدا لكنها كانت مسلية. ففي كل مرة كانت تروي نفس القصة بطريقة مختلفة تضيف عليها سحر التشويق المختلف عن المرة التي سبقت روايتها لنا.

أذكر أننا كنا ندخل إلى غرفتنا المشتركة معها، فإذا كنت في ديرجمال كنا نمد فرشات الصوف السميكة على الأرض و تمد فرشتها بجانبنا و إذا كنا في حلب كنا نلجأ إلى أسرتنا و كان  المحظوظ من يحظى بالنوم في حضنها في فرشتها أو في سريرها ثم تبدأ بعدها برواية حكاية الليلة التي كانت تسلينا و تجعلنا بعد أن تنتعي منها نذهب عميقا في تفاصيلها و عوالمها و كأنها قصة حقيقية.

أذكر من القصص قصة أبو بكور و الجزرة. هاتين القصتين ما زالتا عالقتين في ذهني بتفاصيلهم البسيطة و كأن أحداثهم يمر أمامي كشريط سينمائي ملئ بالأحداث و الشخوص و العوالم و الألوان. 
Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast