Sunday 17 December 2017

قصة قصيرة: بعد دوارين إنعطف يسارا

كل الزحام الذي كان أماني اختفى. قلت للسائق أن يزيد سرعته فالرجل ينتظر. أشار راجيف إلى لوحة على كتف الطريق تحدد سرعة ضبط الرادار و من قم أشار إلى عداد سرعته. كان يقود على الحد المسموح به. ضحك و هو يراني متبرما ثم قال:
أعطني ٢٠٠٠ درهم قيمة مخالفات رادار الطريق و سأصل إلى الورشة في عشر دقائق.
هززت برأسي و التفت الى السيارة المحملة على شاحنة راجيف. كانت تهتز بشدة من تيار الهواء الذي فاجأتني قوته صباح اليوم. من النادر أن ترى هواء و رياحا بهذه الشدة في أبوظبي. منذ أسبوع صففت السيارة في حي السفارات قاصدا السفارة السورية. بعد أن أنهيت عملي هناك عدت إلى سيارتي فلم تعمل. كان ذاك اليوم خميسا. قلت لنفسي أن أتركها في مكانها للسبت صباحا لأنقلها إلى ورشة باديشاه البنغالي لإصلاحها. عندما عدت يوم السبت لم أجدها. سألت حارس السفارة فضحك و قال بأن أي سيارة تبقى بعد السادسة مساء تأتي الشرطة و تنقلها للحجز.
ظللت أسبوعا أبحث عنها و أخلص أوراقها و أدفع غراماتها. صباح هذا اليوم طلبت حاملة سيارات لأنقلها إلى ورشة باديشاه.
أخذت أرى سيارات الشرطة تنتشر على الطريق تحاول مساعدة بعض السيارات اللاتي تعطلن من الرياح و المطر الذي بدأ يتساقط. دخلنا إلى المصفح الصناعية. سألني راجيف:
أين أذهب الآن؟
قلت له: انعطف بعد الاشارة يسارا ثم بعد دوارين انعطف يسارا.
تجاوز راجيف الدوار الأول ثم وصل للثاني و انعطف. كانت انعطافته الأخيرة سلسة لكن تيار هو قوي جرف السيارة المحمولة سيارتي و أوقعها من على سطح سيارة راجيف. أضحت معلقة فقط بحبل يصل بينها و بين سطحة السيارة بينما تحتك أبوابها بالأرض مصدرة شرر نار.
جاءتني الصدمة بينما أسود وجه راجيف و أضحى الشرر يتطاير من عينيه. كان المنظر صادما مدهشا. لم يكن بمقدوره الوقوف. فالسيارات التي بجانبه تطلق أبواقها و التي وراءه كذلك.
لمحت باديشاه أمام محله يراقبنا منذهلا بينما كان راجيف يجتاز الدوار و هو يجر سيارتي الشهيدة.
وصلنا في النهاية إلى باديشاه. نزلت و اتجهت فورا إلى السيارة. كانت ككتلة حديد غير واضحة المعالم. كل شئ كان يشي بأنها قد انتهت. هكذا قال أيضا باديشاه. تركت السيارة و راجيف و أخذت أمشي مبتعدا عن المكان لا أدري ما أفعل و لا ماذا سأفعل بكتلة الحديد التي تركتها ورائي.

Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast