Sunday 31 December 2017

وثيقة عن ترميم دير صيدنايا في العام ١٧٨١

والي دمشق وأمير الحج الشريف  : محمد باشا العظم (1)  يصدر أمر بترميم دير البنات في صيدنايا :

دعونا نلقي نظرة على دمشق ودير البنات في  قرية صيدنايا قبل 236 عام ,(الدير المبني بالبناء الرصين من قديم الأعوام على رأس  الجبل )

المكان دمشق وريفها (القلمون ) (قرية صيدنايا )
الزمان في  17 – ذي القعدة - 1195 للهجرة
الموافق   3 – تشرين الثاني – 1781 للميلاد

اقدم اليكم اليوم وثيقة في غاية الجمال  تتحدث عن دمار دير صيدنايا  وتضرر نصارى قرية صيدنايا من ذالك وتقدمهم بشكوى للوالي محمد باشا العظم  ليصدر أمره المباشر بموافته على ترميم  الدير  .
وتتحدث الوثيقة عن حضور جماعة من نصارى الروم والرهبان القاطنين في الدير المعروف بهم ويعرف بدير البنات الكائن في ارض قرية صيدنايا تابع ناحية جبة العسال من نواحي دمشق الشام وتقدمهم بشكوى للوالي عن تهدم اجزاء من الدير وتصدع الغرف داخله وأن ذالك حدث في زلزال الشام  (2)  ومازال الدير الى الان دون صيانة وأن سكانه من الراهبات يصيبهم الضرر من ذالك .
ونصت الوثيقة على أمر اصدره  الوالي العثماني محمد باشا العظم الى معماري دمشق من نصارى ومسلمين  بتوجههم فورا  للدير والاطلاع وابلاغه فورا بما يتوصلون اليه وذالك برفقة نصارى ومسلمين القرية المذكورة لحصر الأضرار والاطلاع على الدير من الداخل والخارج .
ونص الأمر على عدم التعرض للبنائين والمعماريين ولوازمهم  من قبل اي شخص وإعادة بناء الدير على رسمه القديم .
فيما أعطتنا هذه الوثيقة  وصفا دقيقا  للديرمن الداخل والخارج وحدوده  في ذاك الزمان ومن الجميل ايضا وقوف أهالي صيدنايا  من مسيحيين ومسلمين جنبا الى جنب مع الراهبات  وتاييدهم مطلب الراهبات بصيانة الدير وشهادتهم أمام الوالي بانهم  من سكان هذا الدير وأن الدير متهدم ويحتاج لصيانة سريعة وحضور المسلمين من اهالي قرية تلفيتا وتاييدهم  مطالب الراهبات ونلاحظ ايضا ردة فعل الوالي محمد باشا وسرعة تجاوبه في ارسال الخبراء من مهندسين (معماريين ) ومعلمين بناء (بنائين ) وعلى رئسهم المعمار السلطاني في دمشق الى الدير للوقوف على حاله  واصداره امرا بعدم التعرض لاي احد منهم وتسهيل عملهم في صيانة الدير .
  (1) محمد باشا العظم توالى دمشق مرتين الأولى استمرت سنة واحدة وأشهر قليلة من عام  1184 لغاية عام 1186والثانية عشر سنين من عام 1187 حتى عام 1197 هجرية (راجع الوثيقة المرفقة).
(2) وهو زلزال  سنة 1172هـ /(1758-1759) م  وتحدث عنه  البديري الحلاق في كتابه وقال :
ودخل ربيع الثاني الموافق تشرين الثاني ولم ينزل من السماء قطرة ماء. وفي ليلة الثلاثاء ثامن ربيع الثاني من تشرين الثاني من هذه السنة في الثلث الأخير من الليل والمؤذنون في المآذن يشتغلون المراسلة كذا صارت زلزلة خفيفة، وتبعتها ثانية ثم ثالثة زُلزلت منها دمشق زلزالاً شديداً، حسبت أهل دمشق أن القيامة قد قامت، فتهدّمت رؤوس غالب مآذن الشام ودور كثيرة وجوامع وأماكن لا تحصى، حتى قبة النصر التي بأعلى جبل قاسيون زلزلتها وأرمت نصفها، وأما قرى الشام فكان فيها الهدم الكثير، والقتلى التي وجدت تحت الهدم لا تحصى عددا. وفي الليلة الثانية زلزلت أيضاً في الوقت الذي زلزلت فيه الأولى، ثم حصلت في وقت صلاة الصبح وبالنهار أيضاً، ولا زالت تتكرر مرارا لكنها أخف من الأولين. وقد زاد الخوف والبلاء، وهجرت الناس بيوتهم، ونامت في الأزقة والبساتين وفي المقابر والمرجة، وفي صحن الجامع الأموي. وفي هذه الزلزلة وقع خان القنيطرة على كل من كان فيه، فلم يسلم من الدواب والناس إلا القليل، وكذلك خان سعسع. وقد وردت الأخبار إلى دمشق الشام أن بعض البلاد والقرايا انهدمت على أهلها، فلم يسلم منها ولا من دوابها أحد.ثم في ليلة الثلاثاء الساعة العاشرة من الليل خامس ربيع الأول انشقت السماء وسُمع منها صريخ ودمدمة ودويٌّ وهول عظيم، حتى إن بعض أهل الكشف رأى أن السقوف ارتفعت، وظهرت النجوم وعادت السقوف كما كانت. ووردت أخبار أن في بعض البلاد انطبق جبلان على بعض القرى، فذهبت القرى ولم يظهر لها أثر. وفي ليلة الجمعة الثامن عشر من ربيع الأول في محل أذان العشاء خرَّ نجمٌ من السماء من جهة الغرب إلى جهة الشرق، فأضاءت منه الجبال والدور. ثم سقط فسُمع له صوت عظيم أعلى من صوت المدافع والصواعق.وفي الزلزلة الأولى وقعت صخرة عظيمة في نهر القنوات فسدّت النهر، وانقطع الماء عن البلد أحد عشر يوماً، وبقيت قُطّاع الأحجار يقطعون فيها أحد عشر يوماً، فصارت الناس في غمَّين: غمّ الزلزلة وغمّ قلة الماء .
وفي ليلة الاثنين سادس ربيع الثاني في الساعة الخامسة صارت زلزلة عظيمة أعظم من الأولى بدرجات. وقد صارت معها رجّة مهولة أسقطت غالب بقية المآذن، وأرمت قبة الجامع الأموي الكبيرة والرواق الشمالي جميعه مع مدرسة الكلاسة وباب البريد وأبراج القلعة وغالب دور دمشق، والذي سلم من الوقوع تناثر من بعضه البعض وقُتل خلق كثير خصوصاً في القرايا، ورحلت الخلائق للبساتين وللجبال والتُّرب وإلى المرجة، ونصبوا بها وبالبراري الخيام وناموا بعيالهم وأولادهم، ومع ذلك فلم تبطل الزلزلة والرجفان لا ليلا ولا نهارا. ثم أمر عبد الله باشا الشتجي والي الشام وفقه الله تَعالى منادياً ينادي بالناس أن يصوموا ثلاثة أيام وأن يخرجوا في اليوم الرابع إلى جامع المصلّى، فإنه مشهور بإجابة الدعاء فيه. فخرجت الناس من كل فج عميق إلى المصلى، وخرج حضرة الوزير معهم وجميع الأعيان والمفتي والقاضي، وخرجت العلماء وأهل الطرق والصوفية والنساء والأولاد، ولازموا الدعاء في المصلّى ثلاثة أيام بضجيج وبكاء وخشوع كيوم عرفات، بل كموقف القيامة، فرحمهم أرحم الراحمين، وعاملهم باللطف والتخفيف، فصارت الأرض تختلج اختلاجاً خفيفاً، ولم تزل الناس في البساتين والبراري خائفة حتى نزل عليهم الثلج المطر وصار الجليد إلى أن خفّت الزلزلة ورجعت الناس خائفين.
وفي ليلة الاثنين الخامسة والعشرين من جمادى الثانية قُبيل السحر صارت في الشام أيضاً زلزلة خفيفة أخف من الزلازل المتقدمة. ثم شاع الخبر بين الناس أنه سيحدث زلزلة عظيمة، ففزعت الناس فزعاً شديداً، ورجعوا إلى ما كانوا عليه من الخوف والفزع والخروج للبساتين والمقابر، نسأله تعالى اللطف .
وفي نصف شهر رجب جاء ريح عظيم استمر أربعة أيام ولياليها حتى هدم أماكن كثيرة، ولم يبق من الأشجار إلا القليل، وارتجاج من الزلازل لم تبطل لا ليلاً ولا نهاراً، مع وقوع الغلاء حتى في الخضراوات، فرطل الخبز بخمسة مصاري، ورطل الباذنجان بخمسة وعشرين مصرية، ورطل البصل بتسعة مصاري، ورطل اللحم بقرش وربع لم يوجد، ورطل السمن بقرش ونصف وربع. والبقية على نحو ما قدّمنا.
قال المؤرخ البديري  : والفقير لم يوجد معه ولا منقير، والهدم واقع من الزلازل في كل وقت وحين، والناس رحلت إلى أرض الفلاحين، والله تعالى هو المعين ,

إعداد  هاني عمر سكرية


Share:

Saturday 30 December 2017

شاعر سوداني فقد عقله

شاعر سوداني ﻓﻘﺪ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺃﻳﺎمه ﻭﺩﺧﻞ ﻣﺴﺘﺸفى ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ ، ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻫﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻟﺠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺝ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺭﺃى اﻣﺮأﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ برفقة زوجها ؛ ﻓﺄﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ والزوج يحاول أن ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻓﺄﻧﺸﺪ ﻳﻘﻮﻝ :
أعَلى ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺗﻐﺎﺭُ ﻣِﻨّﺎ
ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫْ ﻧﻈﺮﻧﺎ
ﻫﻲَ ﻧﻈﺮﺓٌ ﺗُﻨﺴِﻲ ﺍﻟﻮَﻗﺎﺭَ
ﻭﺗُﺴﻌِﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺡَ ﺍﻟﻤُﻌنَّى
ﺩﻧﻴﺎﻱ ﺃﻧتِ ﻭﻓﺮﺣﺘﻲ
ﻭﻣُنَى ﺍﻟﻔﺆﺍﺩِ ﺇﺫﺍ ﺗَﻤنَّى
ﺃﻧتِ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀُ ﺑَﺪَﺕ ﻟﻨﺎ
ﻭاﺳﺘﻌﺼﻤﺖ ﺑﺎﻟﺒُﻌﺪِ ﻋنَّا
وعندما سمعها اﻷديب/ عباس محمود العقاد رحمه الله ﺳﺄﻝ ﻋﻦ قائلها فقالوا له : إنه الشاعر السوداني ( ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ ) وهو الآن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸفى ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ ..
قاﻝ : ﻫذا ﻣﻜﺎﻧﻪ ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ الكلام ﻻ يستطيعه ذوو الفكر ... !!
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ بإدريس جمّاع ﺇلى ﻟﻨﺪﻥ ﻟﻠﻌﻼﺝ ؛ أُﻋﺠﺐ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻣﻤﺮﺿﺘﻪ ﻭ ﺃﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ؛ ﻓﺄﺧﺒﺮﺕ ﻣﺪﻳﺮ المستشفى ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺲ ﻧﻈﺎﺭﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻓﻔﻌﻠﺖ ، ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀﺗﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎَّﻉ ..
ﻭ ﺃﻧﺸﺪ :
وﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ الغمدِ ﻻ ﺗُﺨشَى مضاربُه
ﻭﺳﻴﻒُ ﻋﻴﻨﻴﻚِ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘّﺎﺭُ
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗـُﺮﺟﻢ البيت ﻟلممرضة ﺑﻜﺖ ..
ﻭﺻُﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﺑﻠﻎ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ !!

وهذا الشاعر إدريس جمَّاع هو صاحب الأبيات الشهيرة ..
التي يقول فيها :

إن حظي كدٓقيقٍ فوقٓ شوكٍ نثروه
ثم قالوا لِحُفاةٍ يومَ ريحٍ اجمعوه
عَظِم الأمرُ عليهم ثم قالوا اتركوه
إن من أشقاهُ ربي كيف أنتم تسعدوه.

Share:

الإيمان أساس العدل بين الناس

كثيرون ينظرون لموت الدين كلما حلت خضة في مكان ما و عاتب البشر ربهم على تركهم يعانون. هؤلاء يصطادون في الماء العكر و ينظرون على الناس و يدعوهم لترك "الخرافات" و التشبث بالمنطق و العقل. فالمنطق عندهم هو نبذ كل غيبي آمن به الناس منذ وجدت الخليقة على الأرض و الإنتقال للعقل و ما يمثله من خلاص كما يزعمون دون أن يقولوا أو يتجرؤوا على البوح بأن العقل قاصر دوما مهما بلغت قدراته و ملكاته. فمهما كان العقل متقدما تبقى مساحات غائبة عنه كما أن ليس كل الناس لديهم القدرات العقلية المتشابهة و المتفوقة. فترى أناسا بسيطي التفكير و هم الأكثرية و أناسا متوسطي التفكير و أقلية عالية التفكير.
من يدعون لتسييد العقل هم في الحقيقة الفئة الأخيرة عالية التفكير و هدفها السيطرة على ما دونها. فكيف لبسيط أن يترك الإيمان الذي يساوي بين كل الناس و تسييد العقل الذي يفرق بين الناس تبعا لملكاتهم و قدراتهم؟
إن الإيمان بالله و الثقة به و بقدراته و بعدله و عفوه هو راحة لا تضاهيها راحة. فالعقل يفرق بين الناس و يجعل من العلم سلاحا فتاكا للظلم بينما الإيمان يحيط الناس كلهم بسوار من العطف و الحنان يساوي فيه بين كل الناس فقيرهم و غنيهم و بسيطهم و عبقريهم. إن أساس العلاقة بين الإنسان و ربه هو غياب الوسيط و هذا ما يدخل الإنسان في طمأنينة و سكينة لا يمكن لأي منطق و عقل أن يدخلها إليه. و لكن في حالة استخدام العقل عاملا وحيدا في تدبير الإنسان لحياته، تنتفي المساواة بين البشر و يصبح الوصول إلى السكينة إن وجدت مرتبطة بجودة العقل الذي يفكر و هو مهما وصل من قدرة و جودة يبقى قاصرا كقصور العلم عن الإحاطة بكل شئ.

Share:

Sunday 17 December 2017

التمذهب العاطفي

خلال تاريخنا العربي مرت على منطقتنا أحداث جعلت الناس يغيرون من مذاهبهم الدينية تبعا لمذهب الحاكم  و الحكم الذي يسود. أبرز الأمثلة على ذلك هي الدولة الفاطمية التي حكمت مصر بين العامي ٩٧٣م و العام ١١٧١ م حيث عملت هذه الدولة على انتشار مذهبها الاسماعيلي في مصر وقامت  ببناء الأزهر لنشره و تأصيله في ربوع مصر و المناطق الأخرى التي امتد حكم الفاطميين إليها. مثال آخر ربما ظل خفيا علينا هو ما فعله الحمدانيون في حلب. حكم الحمدانيون حلب بين العامين ٩٤٤ م و العام ١٠٠٣ م و خلال حكمهم نقلوا الناس من مذهبهم الحنفي في معظمه إلى العقيدة الخصيبية الاثنى عشرية.
بعد انتهاء الدولة الحمدانية، بدأ الناس رويدا رويدا يعودون إلى مذهبهم القديم الحنفي بتشجيع مرة أخرى من الحكام الجدد بداية بالسلاجقة و انتهاء بالعثمانيين الذين أنهوا عمليا تواجد الشيعة الاثنى عشرية في حلب كمذهب كبير منتشر. تزامن تمدد العثمانيين و قضائهم على بقايا الاثنى عشرية في شمال بلاد الشام مع بداية ظهور الصفويين في إيران و تحولهم إلى المذهب الجعفري و فرضه على الناس في إيران كمذهب للدولة و للمجتمع و ما رافق ذلك من دخولهم في حروب مذهبية مع الدولة العثمانية انتهت بإنتهاء دولتهم مع بقاء التشيع الحعفري مذهبا لإيران رغم زوال الحكم الصفوي.
من خلال دراسة تعقيدات التمذهب و الانتقال من مذهب لآخر يتضح لنا جليا أن الحكم يلعب دورا مهما في نشر أي مذهب أو القضاء عليه. فمقولة الناس على دين ملوكها تنطبق حرفيا على حوادث التاريخ و تقلباته.
فالفاطميون شيعوا مصر و فرضوا مذهبهم الإسماعيلي كمذهب رسمي للدولة و بطبيعة الحال فإن تبني الدولة لمذهب يتبعه حكما إقتصار تولي المسؤوليات و المناصب على أتباع مذهب الدولة و هناك حالات تقتصر تولي المسؤليات و المناصب على مذهب فقهي ضمن المذهب كما في تبني العثمانيين للحنفية كمذهب فقهي و اقتصار تولي المسؤوليات على أتباع الحنفية دون أي مذهب سني آخر. و بزوال الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الشافعي ارتد الناس عن مذهب الدولة الفاطمية إلى مذهب الدولة الجديدة و الحكم الجديد الذي أتى به صلاح الدين الأيوبي. الثابت أن اعتناق المذاهب يتم عن طريق افتتان الناس بالسلطة و رغبتهم في الأقتراب من الحكام الجدد و تقليدهم و التشبه بهم. فالناس العوام لا يمكن أن يفهموا مثلا العقيدة الخصيبية أو الأشعرية أو القشيرية .. إلخ فهذه العقائد هي عقائد تحتاج إلى معرفة بعلم الكلام و الفلسفة لفهمها و استيعابها و هذا ما يفتقده العامة و حتى المتعلمين المختصين في علوم غير علوم الكلام. فالفرق مثلا بين الظاهر و الباطن لا يمكن أن يفسره أو يفهمه عامي لا يعرف من علم الكلام شيئا و هذا دليل على أن تمذهب الناس هو تمذهب عاطفي يجاري مذهب الدولة سواء لاتقاء اضطهادها أو رغبة في التقرب منها و صعود سلم السلطة و امتيازاتها.
Share:

قصة قصيرة: بعد دوارين إنعطف يسارا

كل الزحام الذي كان أماني اختفى. قلت للسائق أن يزيد سرعته فالرجل ينتظر. أشار راجيف إلى لوحة على كتف الطريق تحدد سرعة ضبط الرادار و من قم أشار إلى عداد سرعته. كان يقود على الحد المسموح به. ضحك و هو يراني متبرما ثم قال:
أعطني ٢٠٠٠ درهم قيمة مخالفات رادار الطريق و سأصل إلى الورشة في عشر دقائق.
هززت برأسي و التفت الى السيارة المحملة على شاحنة راجيف. كانت تهتز بشدة من تيار الهواء الذي فاجأتني قوته صباح اليوم. من النادر أن ترى هواء و رياحا بهذه الشدة في أبوظبي. منذ أسبوع صففت السيارة في حي السفارات قاصدا السفارة السورية. بعد أن أنهيت عملي هناك عدت إلى سيارتي فلم تعمل. كان ذاك اليوم خميسا. قلت لنفسي أن أتركها في مكانها للسبت صباحا لأنقلها إلى ورشة باديشاه البنغالي لإصلاحها. عندما عدت يوم السبت لم أجدها. سألت حارس السفارة فضحك و قال بأن أي سيارة تبقى بعد السادسة مساء تأتي الشرطة و تنقلها للحجز.
ظللت أسبوعا أبحث عنها و أخلص أوراقها و أدفع غراماتها. صباح هذا اليوم طلبت حاملة سيارات لأنقلها إلى ورشة باديشاه.
أخذت أرى سيارات الشرطة تنتشر على الطريق تحاول مساعدة بعض السيارات اللاتي تعطلن من الرياح و المطر الذي بدأ يتساقط. دخلنا إلى المصفح الصناعية. سألني راجيف:
أين أذهب الآن؟
قلت له: انعطف بعد الاشارة يسارا ثم بعد دوارين انعطف يسارا.
تجاوز راجيف الدوار الأول ثم وصل للثاني و انعطف. كانت انعطافته الأخيرة سلسة لكن تيار هو قوي جرف السيارة المحمولة سيارتي و أوقعها من على سطح سيارة راجيف. أضحت معلقة فقط بحبل يصل بينها و بين سطحة السيارة بينما تحتك أبوابها بالأرض مصدرة شرر نار.
جاءتني الصدمة بينما أسود وجه راجيف و أضحى الشرر يتطاير من عينيه. كان المنظر صادما مدهشا. لم يكن بمقدوره الوقوف. فالسيارات التي بجانبه تطلق أبواقها و التي وراءه كذلك.
لمحت باديشاه أمام محله يراقبنا منذهلا بينما كان راجيف يجتاز الدوار و هو يجر سيارتي الشهيدة.
وصلنا في النهاية إلى باديشاه. نزلت و اتجهت فورا إلى السيارة. كانت ككتلة حديد غير واضحة المعالم. كل شئ كان يشي بأنها قد انتهت. هكذا قال أيضا باديشاه. تركت السيارة و راجيف و أخذت أمشي مبتعدا عن المكان لا أدري ما أفعل و لا ماذا سأفعل بكتلة الحديد التي تركتها ورائي.

Share:

Monday 11 December 2017

عذابات و مسرات

أصارحكِ
الدنيا فيها كل المسرات
و فيها أيضا كل العذابات
ليس بيدنا اختيار الطريق
فوحده القدر صاحب القرار
و ليس بيدنا إلا السكون
وقت وقوع و حصول الملمات
و ليس بيدنا إلا الفرح
و رسم ابتسامات وقت المسرات
لكن المسرات كنز ثمين
تبر و مرجان نادر الوجود
تضن علينا به الدنيا
كما تضنين علي بالوصل و الابتسامات

Share:

Thursday 7 December 2017

الفن زارع الفرح

عادة ما أحب أن أشاهد ما يزرع الفرح في نفسي. الفرح الذي أعنيه هو ذاك الذي يجعل النفس تنتشي و الروح تتشبع و العقل لا يبذل الجهد الكثير ليستمتع. هذه المواد التي تفعل ذلك بي ليس شرطا أن تكون كوميدية مضحكة أو هزلية مفرطة. الشرط الذي يجعل أي مادة تفرحني هو محتواها الذي يدغدغ مشاعري و ينقلني إلى عوالم جميلة. فقد أشاهد مسلسلا اجتماعيا مليئا بتفاصيل الحياة بحلوها و مرها لكن بيئة التصوير نفسها و تصميم المشاهد و طريقة الإخراج تجعله تحفة مفرحة.

المسلسلات التركية في أغلبها تبث في نفسي الفرح رغم أنها قد تكون مليئة بالتراجيديا، إلا أن طريقة تصويرها و إخراجها و تفاصيل العلاقات التي فيها تجعلها مفرحة و تبث الأمل في النفس. نفس الشئ ينطبق على أفلام أحمد حلمي و عادل إمام و بعض أفلام أحمد زكي. جميع من ذكرتهم يبثون الفرح كل على طريقته. الفرح هو غاية الفن و أي فن يجعلك تكتئب ليس بفن حقيقي بل نسخة مزورة منه يقدم ضمن شروط الفن لكنه لا يلبث أن يذوي و ينتهي بإنتهاء زمانه.

Share:

Monday 4 December 2017

الأشعرية عقيدة أهل السنة

كثيرا ما أقرأ كتابات لأشخاص يهاجمون الإسلام عامة و أهل السنة خاصة دون أن يستطيعوا التفريق بين نظريات العقيدة في الإسلام فتراهم يتخبطون بين مصطلحات و استنتاجات بعيدة كل البعد عن فهم العقيدة و مقاصدها و أسسها.
فالسنة بإجماع كل المذاهب هم اشعريوا العقيدة نسبة لابي الحسن الأشعري الذي عاش في القرن الثالث الهجري و ووضع أسس العقيدة الأشعرية من نصوص القرآن و الحديث.
العقيدة الأشعرية هي العقيدة الوسطى بين عقيدة الخوارج و عقيدة المعتزلة و سأضرب هنا مثالا.
لنفرض أن شخصا قد ارتكب إحدى الكبائر، فما موقف الأطراف الثلاثة من؟
يكفر الخوارج كل من يقوم بفعل كبيرة و يعدونه في نار جهنم خالدا فيها بينما يقول المعتزلة بأنه بين بين أي ليس بكافر و ليس بمؤمن أما الأشاعرة فيقولون بأن أي فعل كبيرة لم يستحلله فاعله أي أنه لم يقل بأنه حلال فهو ليس بكافر أبدا و لا يجوز وصمه بأي كفر.
عندما ننظر حولنا و نتأمل ما يدور من تنظيرات و أفعال سندرك فورا أن معظم الفكر المنتشر هو فكر خارجي تكفيري بعيد عن فهم الأشاعرة للإسلام.

Share:

Wednesday 29 November 2017

هل أجمل من قصيدة البردة للبصيري في يوم ميلاد رسول الله؟



الإمام البوصيري

أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمٍ مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضـمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ
أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتـــمٌ ما بين منسجم منه ومضْطَّــــــرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـللٍ ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلــــمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شــهدتْ به عليك عدول الدمع والســــقمِ
وأثبت الوجدُ خطَّيْ عبرةٍ وضــنىً مثل البهار على خديك والعنــــمِ
نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقـني والحب يعترض اللذات بالألــــمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلــــمِ
عَدتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمســـــتترٍ عن الوشاة ولا دائي بمنحســــمِ
محضْتني النصح لكن لست أســمعهُ إن المحب عن العذال في صــممِ
إنى اتهمت نصيحَ الشيب في عذَلٍ والشيبُ أبعدُ في نصح عن التهــم
فإنَّ أمَارتي بالسوءِ ما أتعظـــتْ من جهلها بنذير الشيب والهـــرمِ
ولا أعدّتْ من الفعل الجميل قـرى ضيفٍ ألمّ برأسي غيرَ محتشـــم
لو كنتُ أعلم أني ما أوقـــرُه كتمتُ سراً بدا لي منه بالكتــمِ
منْ لي بردِّ جماحٍ من غوايتهـــا كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجُــــمِ
فلا ترمْ بالمعاصي كسرَ شهوتهـــا إنَّ الطعام يقوي شهوةَ النَّهـــمِ
والنفسُ كالطفل إن تُهْملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــمِ
فاصرفْ هواها وحاذر أن تُوَليَــهُ إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِـمِ
وراعها وهي في الأعمالِ ســائمةٌ وإنْ هي استحلتِ المرعى فلا تُسِمِ
كمْ حسنتْ لذةً للمرءِ قاتلــةً مـن حيث لم يدرِ أنَّ السم فى الدسـمِ
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخـــــمِ
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأتْ من المحارم والزمْ حمية النـــدمِ
وخالف النفس والشيطان واعصِهِما وإنْ هما محضاك النصح فاتَّهِـــمِ
ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكمـــاً فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحكــمِ
أستغفرُ الله من قولٍ بلا عمــــلٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقـــــُمِ
أمْرتُك الخيرَ لكنْ ما ائتمرْتُ بـه وما اسـتقمتُ فما قولى لك استقـمِ
ولا تزودتُ قبل الموت نافلـــةً ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم اصــــمِ
ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلـــى إنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ
وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطـــوى تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ
وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهــبٍ عن نفسه فأراها أيما شــــممِ
وأكدتْ زهده فيها ضرورتُـــه إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العـدمِ
محمد سيد الكونين والثقليــــن والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحــــدٌ أبرَّ في قولِ لا منه ولا نعــــمِ
هو الحبيب الذي ترجى شفاعـته لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــمِ
دعا إلى الله فالمستمسكون بــه مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــمِ
فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهــــم من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذي تم معناه وصورتــه ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ
منزهٌ عن شريكٍ في محاســـنه فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس لــــه حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــمِ
لو ناسبت قدرَه آياتُه عظمــــاً أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقولُ بـــه حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهـــمِ
أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى في القرب والبعد فيه غير مُنْفحـمِ
كالشمس تظهر للعينين من بعُـدٍ صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَـــمِ
وكيف يُدْرِكُ في الدنيا حقيقتـَه قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ
فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ
وكلُ آيٍ أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلتْ من نوره بهــــمِ
فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُهــا يُظْهِرنَ أنوارَها للناس في الظُلـمِ
أكرمْ بخَلْق نبيّ زانه خُلـُـــقٌ بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّســـــمِ
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ والبحر في كرمٍ والدهر في هِمَمِ
كانه وهو فردٌ من جلالتــــه في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشـمِ
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ من معْدِنَي منطقٍ منه ومُبْتَســم
لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثـــــمعليه وسلم
أبان مولدُه عن طيب عنصــره يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتــــمِ
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهــــمُ قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقـمِ
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئـمِ
والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسـفٍ عليه والنهرُ ساهي العينِ من سدمِ
وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُهــا ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمــي
كأنّ بالنار ما بالماء من بــــلل حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَــرمِ
والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعــةٌ والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِـمِ
عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لــمْ تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشــــَمِ
من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ بأن دينَهم المعوجَّ لم يقـــــمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شُهُب منقضّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ
حتى غدا عن طريق الوحي منهزمٌ من الشياطين يقفو إثر مُنـــهزمِ
كأنهم هرباً أبطالُ أبرهــــــةٍ أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمـــــا نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقــــمِوسلم
جاءتْ لدعوته الأشجارُ ســـاجدةً تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــدمِ
كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتـــبتْ فروعُها من بديعِ الخطِّ في اللّقَـمِ
مثلَ الغمامة أنَّى سار سائــــرةً تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَــــمِى
أقسمْتُ بالقمر المنشق إنّ لـــه من قلبه نسبةً مبرورة القســــمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ وكلُ طرفٍ من الكفار عنه عــِى
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما وهم يقولون ما بالغـار مــن أرمِ
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسُج ولم تحُــــمِ
وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفـــةٍ من الدروع وعن عالٍ من الأطـُمِ
ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَــــمِ
ولا التمستُ غنى الدارين من يده إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
لا تُنكرِ الوحيَ من رؤياهُ إنّ لــه قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَـــم
وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــه فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلــــمِ

تبارك الله ما وحيٌ بمكتسـَــبٍ ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــمِ
كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُـه وأطلقتْ أرباً من ربقة اللمـــمِ
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـُــه حتى حكتْ غرّةً في الأعصر الدُهُمِ
بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بهـا سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَـرِمِ
دعْني ووصفيَ آياتٍ له ظهــرتْ ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علــمِ
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــمٌ وليس ينقصُ قدراً غير منتظــمِ
فما تَطاولُ آمالِ المديح إلــــى ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـمِ
آياتُ حق من الرحمن مُحدثـــةٌ قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقــدمِ
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تُخبرنـــا عن المعادِ وعن عادٍ وعـن إِرَمِ
دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجـزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تــدمِ
محكّماتٌ فما تُبقين من شبـــهٍ لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَــمِ
ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَـرَبٍ أعدى الأعادي إليها ملْقِيَ السلمِ
ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضَهــا ردَّ الغيورِ يدَ الجاني عن الحُـرَمِ
لها معانٍ كموج البحر في مـددٍ وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــا ولا تسامُ على الإكثار بالســــأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ لــه لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصـــمِ
إن تتلُها خيفةً من حر نار لظــى أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِـمِ
كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه بـه من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَــمِ
وكالصراط وكالميزان معْدلــةً فالقسطُ من غيرها في الناس لم يقمِ
لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرهـــا تجاهلاً وهو عينُ الحاذق الفهـــمِ
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِعليه وسلم
يا خير من يمّم العافون ســـاحتَه سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُـــمِ
ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبـــرٍ ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنـــمِ
سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حــــرمِ كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلــةً من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ
وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بهـــــا والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خــدمِ
وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهــم في موكب كنت فيه صاحب العلمِ
حتى إذا لم تدعْ شأواً لمســتبقٍ من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْـــــتَنمِ
خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضـــافة إذ نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلــمِ
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مســــتترٍ عن العيون وسرٍ أيِّ مكتتـــــمِ
فحزتَ كل فخارٍ غير مشــــتركٍ وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَــــمِ
وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتـــبٍ وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَـــمِ
بشرى لنا معشرَ الإسلام إنّ لنـــا من العناية ركناً غير منهــــدمِ
لما دعا اللهُ داعينا لطاعتـــــه بأكرم الرسل كنا أكرم الأمـــمِالله عليه وسلم
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتــه كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنــــمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتــركٍ حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضـمِ
ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخــمِ
تمضي الليالي ولا يدرون عدَّتَهـا ما لم تكنْ من ليالي الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدينُ ضيفٌ حل سـاحتهم بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَـــرِمِ
يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ ســـابحةٍ يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِــمِ
من كل منتدب لله محتســـبٍ يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِـــمِ
حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهي بهمْ من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِــمِ
مكفولةً أبداً منهمْ بخـــير أبٍ وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِــــمِ
همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهـم ماذا رأى منهمُ في كل مصطدمِ
وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المُصْدِرِي البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَــمِ
والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِــمِ
شاكي السلاحِ لهم سيما تميزُهـمْ والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّــلَمِ
تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهـمُ فتَحسبُ الزهرَ في الأكمام كل كمِى
كأنهمْ في ظهور الخيل نَبْتُ رُباً منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُـزُمِ
طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهــــُمِ
ومن تكنْ برسول الله نُصـــرتُه إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجــمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصــرٍ به ولا من عدوّ غير منقصــــمِ
أحلَّ أمتَه في حرْز ملَّتـــــه كالليث حلَّ مع الأشبال في أجَــمِ
كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِـمِ
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ مُعجــزةً في الجاهلية والتأديب في اليُتُمِالله عليه وسلم
خدْمتُه بمديحٍ استقيلُ به ذنوبَ عمرٍ مضى في الشعر والخِــدَمِ
إذْ قلّدانيَ ما تُخْشي عواقبُــه كأنَّني بهما هدْيٌ من النَّعَـــمِ
أطعتُ غيَّ الصبا في الحالتين وما حصلتُ إلاّ على الآثام والنـــدمِ
فياخسارةَ نفسٍ في تجارتهـــا لم تشترِ الدين بالدنيا ولم تَسُــمِ
ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلــــهِ يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سَـلمِ
إنْ آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقض من النبي ولا حبلي بمنصـــرمِ
فإنّ لي ذمةً منه بتســــميتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذِمـمِ
إن لّم يكن في معادي آخذاً بيدى فضلاً وإلا فقلْ يا زلةَ القــــدمِ
حاشاه أن يحرمَ الراجي مكارمَـه أو يرجعَ الجارُ منه غير محتــرمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحــه وجدتُهُ لخلاصي خيرَ مُلتــــزِمِ
ولن يفوتَ الغنى منه يداً تَرِبـتْ إنّ الحيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
ولمْ أردْ زهرةَ الدنيا التي اقتطفتْ يدا زُهيرٍ بما أثنى على هَـــرمِالحاجات
يا أكرمَ الخلق ما لي منْ ألوذُ بـه سواك عند حلول الحادث العَـمِمِ
ولن يضيق رسولَ الله جاهُك بــي إذا الكريمُ تجلَّى باسم منتقـــمِ
فإنّ من جودك الدنيا وضرّتَهــا ومن علومك علمَ اللوحِ والقلـــمِ
يا نفسُ لا تقنطي من زلةٍ عظمــتْ إنّ الكبائرَ في الغفران كاللــممِ
لعلّ رحمةَ ربي حين يقســــمها تأتي على حسب العصيان في القِسمِ
يارب واجعلْ رجائي غير منعكِـسٍ لديك واجعل حسابي غير منخــرمِ
والطفْ بعبدك في الدارين إن له صبراً متى تدعُهُ الأهوالُ ينهــزمِ
وائذنْ لسُحب صلاةٍ منك دائمــةٍ على النبي بمُنْهَلٍّ ومُنْسَــــــجِمِ
ما رنّحتْ عذباتِ البان ريحُ صــباً وأطرب العيسَ حادي العيسِ بالنغمِ
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمـرٍ وعن عليٍ وعن عثمانَ ذي الكـرمِ
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهُــمْ أهل التقى والنَّقا والحِلمِ والكـرمِ
يا ربِّ بالمصطفى بلِّغْ مقاصـدنا واغفرْ لنا ما مضى يا واسع الكـرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بمــا يتلوه فى المسجد الأقصى وفى الحرم
وبجاه من بيْتُهُ فى طيبة حــرمٌ وإسمُهُ قسمٌ من أعظــم القســم
وهذه بردةُ المختار قد خُتمـتْ والحمد لله في بدإٍ وفى ختــــم
أبياتها قدْ أتتْ ستينَ معْ مائـةٍ فرّجْ بها كربنا يا واسع الكـــرم

Share:

Sunday 19 November 2017

عبد القادر كردغلي

هذه الصورة هي لنجم تشرين و منتخب سورية الملك عبد القادر كردغلي. أذكر تماما أنها و صورة أخرى لمناف رمضان كانت على زجاج باب الشرفة في غرفتنا في بيتنا في حلب في نهاية الثمانينات و بداية تسعينيات القرن الماضي. كنت أنظر إليها مبهورا بوقفته و بالجمهور المحتشد على المدرجات خلفه في ملعب المدينة الرياضية في اللاذقية.

Share:

Thursday 16 November 2017

التلفزيون السوري: ما الذي حصل في زيمبابوي؟!

التلفزيون السوري: ما الذي حصل في زيمبابوي؟!
---------------------------------
فشلت محاولة الانقلاب التي قادها وزير الإعلام السوري محمد رامز ترجمان أمس، ضد مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عماد سارة، بعد اتصال هاتفي عاجل تلقاه الوزير، وأمره بإعادة «سارة» إلى منصبه بعد أقل من ربع ساعة من قرار عزله.
.......................
وتقول مصادر في وزارة الإعلام السورية لـ «الأخبار» إن ترجمان اتخذ قراراً «فردياً» بإعادة ترتيب بيته الداخلي وإنهاء تكليف سارة، وتوكيل المهمة لمدير المركز الإخباري السابق حبيب سلمان، من دون الرجوع إلى رئاسة الحكومة..
...
في المقابل، تقول مصادر أخرى إن المهندس ترجمان تلقى دعماً «شفهياً» من رئيس الحكومة السورية عماد خميس، لكن سلطة «ذات نفوذ أعلى» أوعزت إلى رئيس الوزراء، ووزير الإعلام بطيِّ القرار والتراجع عنه نهائياً، والعودة إلى الوضع السابق.
.............
المصادر ذاتها أكدت أن «قرار الحسم» كان بتدخل مباشر من مديرة المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية السورية لونا الشبل.
..............
وحول مبررات خطوة الوزير ترجمان، قالت المصادر إن الوزير أراد تجنب المساءلة القانونية، لأنه يرى أن تعيين سارة ليس قانونياً، كونه «موظفاً غير مثبت» في الدولة، حتى أن الهيئة المركزية للرقابة المالية رفضت كتاب تعيينه، لمخالفته قانون العاملين الأساسي.
..........
ولم يتمكن مدير الهيئة حسب المصادر من توقيع أي أمر صرف مالي منذ استلامه المنصب قبل نحو عام، لأن قرار التكليف لا يخوله أو يمنحه صفة «آمر صرف»، وهو ما يجعل وزير الإعلام مضطراً لتوقيع كل أوامر الصّرف وتحمّل مسؤوليتها.
...............
القرارات المتناقضة لوزير الإعلام عشية ذكرى «الحركة التصحيحية»، أثارت بلبلة كبيرة في الوسط الإعلامي السوري..
...........
وطالب الكثير من روّاد الموقع الأزرق وزير الإعلام بتقديم استقالته، احتراماً لمنصبه وحفظاً لماء وجهه، بعدما تبين عجزه عن اتخاذ القرار..
في حين اقترح آخرون إدخال ترجمان في موسوعة «غينيس» كأسرع وزير بالعالم في اتخاذ القرارات والتراجع عنها.
..................
تغريدات أخرى ركزت على الوضع النفسي وحالة القلق لدى العاملين في الإذاعة والتلفزيون، بعدما انهالوا بالمباركات والتهنئة على المدير الجديد المفترض، وتسرعوا بالشماتة والفرح بإقالة المدير القديم..
وطالبت التغريدات هؤلاء بعدم حذف أو إخفاء منشوراتهم، ليكونوا أصحاب موقف..
ووصل أحدهم للقول إن وزير الإعلام قام بـ «صدمة إيجابية» لكشف المتآمرين على عماد سارة!
.................
البعض وجد أن ما جرى كان إيجابياً لجهة اتخاذ وزارة الإعلام ثلاثة قرارات بسرعة خيالية وتجاوز «الروتين والبيروقراطية» لأول مرة في تاريخها..
وطالب هؤلاء "المعلقين" بالتحلي بالواقعية لأن المسألة لا تتعلق بالمدير الجديد، بل بالعقلية التي يقوم عليها الإعلام السوري برمته، وقد جعلت نسب مشاهدته تقترب من الصفر حسب وصفهم.
..........
كما تساءل آخرون عن دور اتحاد الصحافيين في ما وصفوه بـ «المهزلة»، في حين شبّه آخرون ما جرى بالـ «ريمونتادا الإعلامية»!
....
وقال أحدهم إن ترجمان وضع نفسه في موقف يصعب ترجمته، وكان بحاجة إلى مهندس «باب الحارة» بسام الملّا لإيجاد مخرج لقراره المتسرّع، وكتب آخر «رامز يلعب بالنار!».
......
أحد العاملين في التلفزيون السوري تساءل ساخراً مما جرى: «هل يعلم أحدكم ما الذي حصل في انقلاب زيمبابوي؟!».

صدام حسين - الأخبار اللبنانية

Share:

Wednesday 15 November 2017

سؤال في الوجود

‏ما كنت فكر قبل بالموت.. كنت مكتفي بالصراع مع هالدنيا و كلمة موت عندي تتعلق بأناس بعيدين أو بالأخبار التي أقرؤها.. منذ سنة تغير عندي كل شئ و أصبح السؤال عن الوجود و المآل و كم بقي لي في هذه الدنيا يؤرقني... أصبحت أقنع نفسي أني قد أصبحت عجوزا و فاتني قطار الدنيا!!

Share:

Tuesday 14 November 2017

The Aleppo Sandwich: Searching For The Flavors Of A Home Lost To War

Brain Sandwish

In 2003, Adam Davidson and Jen Banbury were living in Baghdad, working as reporters covering the Iraq War. And they were falling in love.
They went on vacation to Aleppo. This was before the city became the symbol of the devastation of the Syrian civil war, back when you might actually go there on vacation.
A friend put them in touch with a local photographer named Issa Touma. And Issa said, "While you're here, you have to go to this sandwich shop."
"People are walking in and they see us and they're like, 'Ah, you're here for the sandwich!' " Adam recalls. "There's an excitement. This was a pilgrimage spot."
Meats and vegetables were displayed in a case. Jen remembers the sheep brains, cleaned and stacked behind the glass as if in a jewelry store. They ordered chicken and tongue. Jen was blown away by the tenderness of the meat and the quality of the sandwich baguette.
"I remember us both just staring at the guy who made it in shock," says Adam.
"Now I just wish we had somehow documented it," Jen says, "because clearly that place is long gone. Who knows whether the owners are alive or dead?"
But what if the place is still there? Well, as I learned, when you're talking about a shop in a city that's largely cut off from the rest of the world, that's a hard question to answer.
So this week on The Sporkful podcast, we're going on a quest. What made this sandwich shop special? What exactly was in those sandwiches? Is the place long gone, as Jen assumes? Are the owners alive or dead? And what can the fate of this shop tell us about the fate of Aleppo?
It's a show that's been two years in the making. We take you from Aleppo to Austria, from Detroit to New York to Istanbul — all in search of a sandwich.
Adam put me in touch with Issa, the artist who took him and Jen to the sandwich shop years ago. Issa is still in Aleppo much of the time, but he also lives for stretches in Europe, giving talks about Syria. He's managed to raise awareness without angering the government.
During the worst of the Syrian civil war, when Aleppo was under siege and the government wouldn't allow food or medicine in, Issa and his family survived by learning how to cook moldy bread into a dish they could eat.
Issa hadn't been to the sandwich shop in years. He said at its peak there were three locations. He'd heard two were destroyed, but he wasn't sure about the original location, by the public garden.
Beyond that he couldn't tell us much. He did share one crucial piece of information — the shop's name, which is also the name of the family that owns it: Syrjeia.
We looked online, but all we could find was a Facebook page for an Afghani restaurant in Turkey. We had a Syrian-American friend who speaks Arabic look online, too — nothing.
Even if we were able to get a phone number for Syrjeia, the Syrian government monitors peoples' calls. The folks in Syrjeia would be understandably wary of a call from a stranger asking a bunch of questions, even if it was from an Arabic speaker. That kind of call, coming from outside the country, could get them in trouble.
We needed some kind of back channel connection.
Shadi Martini in an undated photo taken in Aleppo, Syria, before he was forced to flee the city. "I remember every sandwich," he jokes, "not only at Syrjeia. Because I love these sandwiches."
So we cast a wide net in the U.S. We reached out to organizations that work with Syrian refugees, friends in immigrant food communities, friends of friends whose parents came to the U.S. from Syria decades ago. We put out the call: We're looking for people from Aleppo who know the sandwich shop Syrjeia.
And that's how we found Shadi Martini.
"I remember every sandwich," he jokes, "not only at Syrjeia. Because I love these sandwiches."
Shadi (rhymes with "Paddy") was born and raised in Aleppo. After going to college in Lebanon, he ran businesses in Europe. Then in 2009, when he was 38, he came back to Aleppo to run the hospital his family owned.
"Growing up in Aleppo, I was confined to a community that was upscale, a community that was exclusive," Shadi recalls. "But when I started running the hospital, I met all segments of society. I went out of my comfort zone and went to meet my employees at their homes. I participated in weddings and funerals, I met their families. Somehow I saw the real Syria."
And often Shadi bonded with his employees over a meal at Syrjeia. He says even though Aleppo was a big city, it felt more like a small town. Everyone knew everyone, and the guys at Syrjeia often knew his order before he walked in the door.
"Food is an essential thing in the life of Aleppians," Shadi says. "It's very sophisticated; when we're having a bite, we want it to be perfect."
The sheep brain sandwich at Syrjeia was one of Shadi's favorites. "It's a magnificent sandwich. They cut [the brain] like you cut a tomato, put it in the bun and toast it. Then they put tomatoes, Syrian pickles and lemon juice with garlic."
The rich, fatty brain contrasts with the crunch and zing of the pickles, lemon and garlic.
"It just melts," Shadi says. "When you eat it, it's over very quick."
Shadi also added baharat, sometimes known as seven spices. It's a mix found across the Middle East, and while it varies a bit by region, it usually has cinnamon, nutmeg, coriander, cumin, cloves, paprika and black pepper. (Aleppo was once a hub of the global spice trade. Its market was built during the Ottoman Empire, in the 1400s and 1500s, and stood for centuries. In 2012, in the midst of the war, the market was destroyed.)
So the sandwiches at Syrjeia included many classic Middle Eastern touches. Then there were the aspects that were uniquely Syrian.
"Syria is a crossroads country, so throughout history you had a lot of religions, a lot of cultures mixing together," Shadi explains. "So that's part of the uniqueness of the food."
Remember the amazing sandwich baguette at Syrjeia that Jen described? Well, France occupied Syria for decades after World War I. Hence, French bread.
Shadi says some of Syrjeia's sandwiches use spicy red pepper, which comes from a strong Armenian influence. During the Armenian genocide, refugees poured into Syria. In fact, many Armenian recipes call for Aleppo pepper.
To be clear, Syrjeia wasn't the only place in Aleppo that made these kinds of sandwiches. They just did it better, like the best barbecue place in Houston or the best burrito place in San Francisco.
But while the sandwiches weren't unique to Syrjeia, Syrjeia was unique to Aleppo. And that's why it's so important to Shadi.
Then there's another reason, maybe even a bigger reason. Because Shadi's experiences at Syrjeia weren't just about the food, or the atmosphere. As he said, he grew up privileged, in an exclusive community. Sharing meals with his hospital employees at Syrjeia helped him connect with what he called "the real Syria."
"I didn't know the suffering of other Syrians," he says. "I just thought that everyone lived like me. If someone complained, [I'd say,] 'Why is he complaining? It's a good life.' Well, it's a good life for me, not for him."
Shadi's awakening led him to make a decision that would change his life forever.
In the early days of the Syrian conflict, the secret police would beat protesters in the streets, and those protesters would come to Shadi's hospital for help.
The police ordered Shadi to turn over any demonstrators for questioning, which he knew meant they'd likely be tortured, possibly killed. Instead, Shadi disobeyed the order. He began treating protestors and sneaking them out the back of the hospital.
Then, even as he became concerned he'd be arrested, he went a step further, forming a network to smuggle medical supplies to cities under siege.
Eventually though, in 2012, he was discovered. He made it out of Syria, but he can never go back.
Today, Shadi lives in the Detroit area with his family. (They essentially won the green card lottery.) Food is one of the few ways he can connect with the home he left behind. But often, something's missing. The ingredients aren't quite right. The atmosphere's different.
Which brings us back to our hunt. Shadi gave us a deep sense of what made Syrjeia special. Like Issa, he had heard the original Syrjeia by the public garden was still there, but he couldn't tell us for sure. And he can't reach out to people in Aleppo to ask, because he's a wanted man. Talking with him could get them in trouble.
Every photo I've seen from Aleppo over the past five years has been a picture of crumbled buildings and rubble as far as the eye could see. The idea that Syrjeia was still there just seemed impossible. But if we were ever going to find out for sure, we needed someone in Aleppo.
So once again, we put out the call to Syrian contacts around the U.S. And we found a woman named Fadia. She was born and raised in Aleppo and came to the U.S. more than 30 years ago. She and her husband raised their children here. She asked that we not use her last name because she still has family in Aleppo and doesn't want them to get in trouble if the wrong person hears of her participation in this story.
But her family — they were our in.
So that's how it happened that one of Fadia's relatives walked in to Syrjeia by the public garden and said, "There's a radio show in New York that wants to talk to you."
A few weeks later, I was in Fadia's living room in the New York suburbs calling Imad Syrjeia on an app called Viber that the Syrian government can't track. Imad's father opened the restaurant in the 1970s and has since passed away.
At first, Imad was wary. Fadia explained her family's connection to his and reminded him of the person who had come into his store talking about a radio show in New York. She said it's just a show about food — nothing political. He said OK.
When I asked how he and the restaurant were doing, Imad insisted everything was great. But Fadia said he would never dare say otherwise, in case the wrong person is listening.
"He doesn't know you," she explains. "He can't even say it to me. I'm Syrian but he won't."
I don't speak Arabic. (Later on I had the recording of this conversation translated.) But just hearing Imad's voice coming out of the speaker in that moment was deeply moving. Knowing his voice was coming from a place that the news had told me was destroyed.
"We try to remember the good stuff. Then when you get something like this, you get everything back. You recognize that you're not going back anymore. That's it. That's how you're going to remember where you lived."
Shadi Martini, who was forced to flee Syria, on finding a version of his beloved Aleppo sandwich in Istanbul
When the topic turned to food, Imad became less wary. You could hear his passion. He sounded like a chef, excited to talk shop.
The mayo is homemade, and it has garlic in it. The pickles vary depending on the season, sometimes cucumbers, sometimes peppers. If you ask for it, they'll put a salad on your sandwich that's made from olives, thyme, oregano and lemon juice. The brain is boiled with bay leaves, rosemary. If you boil it too long it turns to mush. It has to be just right, and you have to chill it to be able to slice it.
Imad says, "We love our craft. We were raised doing it."
After that I had to ask another crucial question. We had heard from some contacts that an outpost of Syrjeia had opened up in Istanbul. A lot of Syrian families famous for a restaurant or bakery have migrated to Istanbul, Egypt, Dubai and other areas where there are a lot of Syrian refugees. But there are also people opening up shops in those places and just ripping off the famous names, even though they have no connection to the original.
Imad confirmed that the Syrjeia in Istanbul had been opened by one of his former employees, with Imad's blessing. It's the real deal.
Imad himself is trying to get to Toronto or New York. He has offers to open up a restaurant. He just needs a visa.
As Fadia and I said goodbye to him, he invited me to Syria.
"He will welcome you," said Fadia enthusiastically. "They're very generous. They welcome everybody!"
From there, I reported back to Shadi. These days he works with the Multifaith Alliance for Syrian Refugees, which means he travels regularly to Istanbul, where many refugees have settled. I told Shadi next time he's in Istanbul, I wanted him to go to Syrjeia. The sandwich would be my treat.
"That's it? Just a sandwich?" he responded with mock incredulity. "When I come to New York, take me to dinner in New York. I'll pay for the sandwich!"
Shadi really is a good businessman. We had a deal.
A few months later, he was walking in the door of Syrjeia in Istanbul, accompanied by Syrian-American food writer Dalia Mortada, who was living in the city at the time.
At first, Shadi was skeptical. The place looked different, and there were some unfamiliar menu items. But the sheep brain sandwich was there. Pretty soon, it was time to eat.
"Perfect," Shadi said with a mouth full of food. "Same taste. Takes you back home. It just hits you."
But now, after everything he's been through, being transported to Aleppo is bittersweet.
"We try to remember the good stuff. Then when you get something like this, you get everything back. You recognize that you're not going back anymore. That's it. That's how you're going to remember where you lived."

Source: Npr.org



Share:

Telegram

Podcast