Thursday 1 February 2018

بيان سوتشي و نقاط الجدل

لا أريد أن أدخل في نقاشات مع أحد توصل إلى افتراق. فالأصل عندي هو البحث عن كل مشترك لتعزيزه و لتقويته و للبناء عليه. منذ أول أمس و أنا أقرأ انتقادات كثيرة لنص مؤتمر سوتشي و خصوصا تلك الفقرة المتعلقة بلا طائفية سورية. كل المنتقدين يركزون على أن البيان استبعد مفردة العلمانية في وصف الدولة السورية و دستورها و نظامها و استخدم بدلا عنها مفردة اللاطائفية. هناك مراجعة واحدة انتقدت ما هو برأيي أخطر من تلك الفقرة و هي فقرة عدالة التمثيل في السلطات المحلية. هنا إذا دققنا أكثر في معنى  السلطة المحلية سنجد أنه اللغم الحقيقي. فأي سلطة تحكم تنطلق أساسا من السلطات المحلية. فدون تأييد محلي لن تتمكن أي سلطة و لا أي نظام من الحكم.
إذا كان علينا أن نناقش فلنناقش هذه الفقرة تحديدا و إذا أردنا إيجاد حلول فالحلول موجودة و أهمها إجراء أي انتخابات محلية على مبدأ النسبية و أي انتخابات وطنية على مستوى سورية على مبدأ الدوائر الكبرى المبنية على الأغلبية المطلقة. عن طريق هاتين الآليتين يمكن تحقيق توازن وطني و تمثيل حقيقي و قبر أي لعب طائفي بأي انتخابات.
أما بخصوص العلمانية فنحن يا سادة نخبويون لا نعرف سورية و لا نعرف تفاصيلها. أصل الحرب على سورية شعار واحد و هو أن سورية لا تحكم من أغلبيتها بل تستأثر بحكمها طائفة واحدة. هذا الطرح جيش كل الأغلبية الساحقة من الريف السوري و المدن البعيدة عن العاصمة. فمثل هذا الطرح يدغدغ الحواس لأسباب كثيرة و تراكمات تاريخية لا داعي هنا لذكرها. عملية طرح العلمانية بشكل واضح سيجعل المشكلة كامنة داخل المجتمع السوري. فسوريا ليست دمشق و حاراتها الراقية. سورية هي ريف واسع و مدن محافظة ذات ثقل. وضع مادة كهذه ستجعل من نسج على طرح الحكم في سورية للأقليات يبني من جديد أرضية للتحرض. الحل برأيي بسيط. فالدولة المدنية المبنية على المواطنة التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون هو الحل. فبدلا من كلمة علمانية يمكننا وضع "دولة مدنية مبنية على المواطنة التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون و لا تفريق بين مواطنيها على أساس الدين أو العرق أو الجنس". أما بالنسبة لدين الرئيس و الاسلام مصدر للتشريع فأرجوكم لا تعطوا لأعدائكم مادة للتحريض. هذه الفقرات و ان ازيلت فستبقى موجودة عرفا و العرف أقوى من القانون. في النهاية كل الدساتير العربية حبر على ورق و لا تطبق و إلا كانت بلداننا العربية هي في صدارة دول العالم عدلا و تقدما.

١/٢/٢٠١٨
مصطفى حميدو

Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast