Wednesday 7 February 2018

عن إبن تيمية الحقيقي و المتخيل

النص أدناه للصديق شادي من النوع الدسم جدا جدا . ويحتاج قراءة أكثر من مرة ... الرجاء عدم التعليق ... والاكتفاء بالقراءة .. .     ....
باسل ديوب على صفحته على الفيس بوك

                                   ★★★

هذه المقالة من اوضح الادلة التي وجدتها: ابن تيمية الذي يتحدث عنه بعض جماعات التكفير و الارهاب كمرجع مختلف عن ابن تيمية الحقيقي، الصوفي ابن الهلال الخصيب، فقد كذبوا على لسانه و تم تشكيل شخصية في القرن العشرين لا تمت بصلة للاصل كما هو واضح من بقية مؤلفاته.

في بعض ما هو معزو إليه جرائم لا يقبل بها دين او عقل او خلق، و هي ايضا تخالف بشدة ما قاله هو في اماكن اخرى و ما قاله تلامذته عنه.

امامنا احتمالان هنا:

اما انه كان يقول الشيء و نقيضه، و هو ما لا دليل عليه من الكثير الذي كتبه و كتبه عنه معاصروه!

او ان احدا كذب فوضع شيئا كاذبا على لسانه ليشوه سيرته و يصرف عنه اتباعه و هو الذي كان سدا منيعا في وجه غزو المغول (خوارج ذلك العصر).

و نظريتي ان من يشوه سيسعى لتشويه كتاب كامل او فتاوى تكفير واضحة مباشرة تناسب عقول الساذجين الذين يراد تحويلهم للاجرام بحجة القتل، فيظنوا انهم اتبعوه و ما فعلوا.

اضافة للمثال المبين في المقال ادناه، هناك مثال شهير قبل سنوات عاد فيه احد رجال الدين العرب الى نص قريب العهد للرسالة الماردينية (التي يعتبرها كل الجماعات الارهابية الاساس الشرعي لعملهم الذي يؤذي الناس الابرياء و المؤمنين في "ديار الحرب")، و النسخة المخطوطة محفوظة في مكتبة الاسد بدمشق، فوجد فيها ان العبارة الحقيقية عن الناس في تلك الاماكن هي (و يعامل كل منهم بما يستحقه) ، بينما تحولت في الكتب المطبوعة في القرن العشرين الى (و يقاتل كل منهم بما يستحقه). و الفارق رهيب.

علما ان الجماعات الارهابية اليوم عندما تواجه ما لا يتفق مع فهمها هي عن ابن تيمية مع ابن تيمية نفسه تعترض على ابن تيمية  و تخطئه و تسير في غواها، و من ذلك مثلا مسألة عدم جواز نعت فرد بعينه بأنه كافر (تكفير المعين) .

من الاكيد اننا لسنا بحاجة لقدوة نمشي عليها بشكل اعمى، لا هو و لا الخليفة العادل و لا امير المؤمنين ، فالدين هو المحبة و جوهره معاملة كل الناس كما نحبهم ان يعاملونا، و شعاره العدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى، و تجنب الفحشاء و المنكر و البغي.

لكن في نفس الوقت من الواجب على القادر تطهير تاريخنا من الاكاذيب و الدسائس: ابن تيمية كان من اهل التصوف و المحبة و بنفس الوقت مجاهدا ضد غزو المغول (المسلمين ع اساس) و وحشيتهم في العراق و الشام و سائر بلاد العرب و العالم. هذه المعادلة خطيرة لمن لا يريد الخير لبلادنا.

شوهت صورته كما شوهت صورة الدكتور البوطي رحمه الله فاتهم مثلا بأنه قال انه "يجب السجود للاسد على صورته" و هذه كذبة يصدقها الملايين اليوم، لا عشرات الالاف، حاشاه ان يقول مثل ذلك، و انما طاله الدس و الكذب المجرمان بتحوير الكلام عن موضعه.

هدفنا جميعا هو اعادة العرب و المسلمين الى عقلهم و انسانيتهم و دينهم، و تصحيح التاريخ المزور جزء اساسي لتحقيق ذلك. اما اعتبار الموروث كله سببا في مشاكل العصر الحالي، و كوارث اخرى تاريخية هو في نفس الوقت غير مجدي و غير ممكن. و كلما قرأت اكثر، و انا ما ازال على الضفاف، تأكدت اكثر من اهمية الموروث لحراسة الدين و العقل و الاخلاق و الانسانية و اهمية استعادته من مختطفيه و مزوريه.
و يجب طبعا الاستفادة من التقنيات الحديثة في كل العلوم في هذه المهمة التي بدأت من بداية الدين بالاعتراف بوجود مجدد على رأس كل مائة سنة، و من الاعتراف بوجود المدسوس و المزيف و السطحي في هذا التراث و دارسيه، و بأن مهمة التنقية و لا يجب ان تتوقف، فنجد مثلا في مقدمة شرح الباري لصحيح البخاري بعض الملاحظات على البخاري، و هناك اعمال مهمة في اصطياد "الاسرائيليات و الموضوعات" في كتب التفسير. الايمان هو ايمان العجائز و يقيني ان الشغل اكثر في البحث عن التاريخ كما هو (من تصويب للكذب و تصحيح للتحريف و فهم لتغير الظروف)، لن يسفر الا عن هذه النتيجة و ان الدين كله هو حب الاخ في الانسانية و معاملته بالعدل و الاحسان.

أما بالنسبة لدعوة ترك "الموروث الفقهي" باكمله و محاولة العودة للاصل او النبع فهي نفسها التي جلبت لنا المتطرفين و المجانين في تاريخ الانسانية، من الخوارج في تاريخنا الذين يعودون باسماء و اشكال مختلفة، الى الحملات الصليبية في شمال اوروبا ضد اهاليها، و القاتل و المقتول فيها لم يكونوا مسلمين، و الحملات الصليبية في بلادنا ضد العرب مسلمين و مسيحيين و يهود، الى جماعات التطرف الفاشي السياسي و القومي و الديني.
كل هذه الحملات المجرمة تمسك نصا مؤسسا و تهمل سياقاته و السنن المبنية عليه من السلوك الجماعي، و تبني عليه سلوكا يناقض روحه و تفاصيله التي ضاعت.
القرآن حمال اوجه، و الرسول العربي ترك وصيته لعدم الضلال: كتاب الله و سنته و عترته ال بيته الذين تمسكوا بروح الدين و السنة التي كانوا الاقرب لمعرفتها.

اما اعتبار معايير العقل و العلم و الجمال المطلقة هي الحل، فخطر لأنها مفاهيم نسبية و زمنية. وانا ارى كثيرا من تحولوا بنظرية علمية سائدة، قد يبرهن المستقبل خطأها، فصاروا متحزبين متدينين متعصبين لدين "العلم" او "الالحاد" مثل ريتشارد دوكنز. علماً أن استخدام العقل قد يأتي بكوارث، مثل المعتزلة الذين قالوا ان فاعل الكبيرة يكفر، بينما عارضهم ابن تيمية (الحقيقي) و بأدلة من سنة الرسول الذي نقل الرسالة انه لا يكفر.
حيث قال ابن تيمية رحمه الله: والمعتزلة أن الكبيرة تحبط الحسنات حتى الإيمان [...] وما ادعته المعتزلة مخالف لأقوال السلف [...] والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة على الغال وعلى قاتل نفسه ولو كانوا كفارا ومنافقين لم تجز الصلاة عليهم. فعلم أنهم لم يحبط إيمانهم كله. {وقال عمن شرب الخمر لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله} وذلك الحب من أعظم شعب الإيمان. فعلم أن إدمانه لا يذهب الشعب كلها.

=====
مما ورد في المقال:

يقرر ابن تيمية بوضوح أن الرسول عليه السلام لم يبدأ أحدا من الكفار بالقتال، «فكانت سيرته أن كل من هادنه من الكفار لا يقاتله، وهذه كتب السير، والحديث، والتفسير، والفقه، والمغازي تنطق بهذا، وهذا متواتر في سيرته. فهو لم يبدأ أحدا من الكفار بقتال». فعل الجهاد عنده هي المقاتلة ورد العدوان وليس بسبب الكفر، وهذا هو رأي الجمهور، وخالف فيه الشافعي، فلو كانت علة القتال الكفر لما حرم قتل الرهبان والنساء والعجزة -وهم كفار-، وعلة تحريم قتلهم لأن هذه الفئة «لا تقاتل ولا تحمل السلاح». يؤكد ابن تيمية في رسالته أن الإسلام أباح القتال للضرورة فقط، «فإن الأصل أن الله حرّم قتل النفس إلا بحقّها. وقتل الآدمي من أكبر الكبائر بعد الكفر. فلا يباح قتله إلا لمصلحة راجحة، وهو: أن يدفع بقتله شر أعظم من شر قتله، فإذا لم يكن وجود هذا الشرّ، لم يجز قتله».
هذه التقريرات من ابن تيمية كانت صدمة مفاجئة لأتباعه المتأخرين، لم يستسيغوها من شيخهم أبدا وهو يضع جهاد الإسلام في خانة الدفاع لا الهجوم، ومشروعيته حكرا على رد العدوان، فأتهم ناشر الرسالة بالتزوير والتدليس، وحكم عليها بأنها رسالة محرفة لا تصح نسبتها لشيخ الإسلام. وعمد الشيخ عبدالرحمن بن قاسم الذي أوكل إليه الملك سعود مهمة جمع فتاوى ورسائل ابن تيمية إلى إسقاط هذه الرسالة من مجموعه، وعلل ذلك قائلا: «وقد أعرضت عن نزر قليل نسب إليه؛ كمنظومة في عقائد، ونقل محرف لترك البداءة بقتال الكفار».
وألف الشيخ سليمان بن حمدان رسالة بعنوان (دلالة النصوص والإجماع على فرض القتال للكفر والدفاع)، قال في مقدمتها: «أما بعد فقد وقفت على رسالة منسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، مضمونها أن قتال الكفار سببه المقاتلة لا مجرد الكفر، وأنهم إذا لم يقاتلونا لم يجز لنا قتالهم وجهادهم على الكفر.. ولما رأها بعض من ينتسب إلى العلم وليس من أهل الدراية والفهم صادفت هوى في نفسه فطار بها فرحا ظانا أنها الضالة المنشودة، وراجت لديه بمجرد نسبتها لشيخ الإسلام، فسعى في طبعها ونشرها، على كذبها وفشرها، وما علم المسكين أنه قد استسمن ذا ورم، ونفخ في غير ضرم، وأنها محض افتراء وتزوير على الشيخ، وقد نزه الله شيخ الإسلام عن هذا الخطأ الواضح والجهل الفاضح».
وألقى الشيخ ابن باز محاضرة في المدينة المنورة عام 1968، بعنوان (ليس الجهاد للدفاع فقط)، قيل أنها كانت ردا على رسالة ابن تيمية، قال فيها: «أما القول بأن الجهاد في الإسلام للدفاع فقط هو من التلبيس الذي وقع فيه بعض الكتاب، فظنوا أن الجهاد إنما شرع للدفاع عن الإسلام، ولم يشرع لغزو الكفار في بلادهم».
فاختفت الرسالة، ومنع تداولها، وحظرت طباعتها، وتعذر الحصول عليها في المكتبات، حتى قام الشيخ عبدالعزيز الزير آل حمد بتحقيقها وإعادة طباعتها عام 2004، ووضع تعليقا تحت عنوان الرسالة (قاعدة تبين القيم السامية للحضارة الإسلامية في الحرب والقتال)، وكان مما قال في مقدمة تحقيقه: «إن رسالة ابن تيمية المختصرة أبلغ رد على من يتهم هذه الدولة المباركة، أو دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية، أو دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالإرهاب أو الحض عليه».
ثم أفرد المحقق فصلا خاصا أثبت فيه صحة نسبة الرسالة لابن تيمية، وقابل ذلك بشواهد توافقها من مؤلفاته الأخرى، مع مراجعة لمخطوطات تثبت صحة الرسالة، مشفوعة بشهادات باحثين ومختصين. وكان ممن انتصر لهذا الرأي، الباحث والمؤرخ راشد بن عساكر، الذي أكد في بحث متين صحة نسبة الرسالة لابن تيمية، حيث قال: «الصحيح الذي لا جدال فيه أن هذه الرسالة هي لشيخ الإسلام ابن تيمية والأدلة على ذلك كثيرة.. فهذه الرسالة تحمل نفسا واحدا معروفا لديه رحمه الله، فمضمون هذه الرسالة مطابق لكلامه في كثير من المواضع التي تكلم فيها عن القتال ودوافعه وأسبابه، نجد ذلك واضحا لايحتاج إلى تبيان، حيث أن منهجه موافق لفتاواه الأخرى، كما أن هذه الرسالة تتوافق مع ظاهر القرآن وسيرة النبي ع

Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast