Saturday 7 December 2019

حتمية الصراع و التدافع بين الناس

لم يعد الله الناس برغد العيش في الدنيا و لم يعدهم بأن يكون الجميع يعيشون في رخاء و لم يعدهم أن يسود العدل في الأرض. سنة الحياة التي ذكرها الله بوضوح هو الصراع بين الخير و الشر و بين الظلم و العدل. فالحياة كما بينها الله في القرآن هي دار صراع و دفع و الدفع و الصراع هما شرطان أساسيان لتحقق ذكر الله و الإيمان به. فلولاهما لما عبد الله و لما ذكر اسمه و الله هو خالق البشر و فاطرهما و هو الأعرف بطبعهم و سلوكهم في الرخاء و في الشدة و في الرفاه و الضيق. يقول تعالى مدللا على ذلك: ( و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله). 
إن حتمية تدافع البشر هي سنة كونية من السنن التي علينا أن نؤمن بها لنبعد عنا الشك و لترتاح قلوبنا. ففي هذا الإيمان تفسير لكل كا قد يراودنا من تساؤلات و من شكوك في قدرة الله عز وجل.
 نحن هنا أمام إله يصرف مقادير الكون كله فهل تعجزه أمور حياتنا. علينا هنا أن نفهم أن الإنسان في حياته مخير و مسير و في النهاية علم الله يسع ما نحن مخيرون به و ما نحن مسيرون. فالله يعرف بعلمه ما نختار و يعرف أيضا ما سنسير به. صحيح أنه ترك لنا أن نختار في أمور لكنه و هو الذي خلقنا يعرف خيارنا تماما مثلما الإنسان (و هو مثال لا يقارن أبدا بعلم الله) قد يعرف سلوك إنسان آخر في الأمور المختلفة إذا درسه و عاشره لمدة طويلة فكيف بمن خلقنا أصلا و صورنا.
إن عمار الدنيا مرتبط بتدافع البشر و صراعهم. فالله قادر على جعل الناس برأي واحد و إيمان واحد و تفكير واحد لكن ذلك ليس السنة التي خلق الله الكون عليها. يقول تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast