Friday 2 April 2021

الحصان العربي ‏و ‏عمود ‏النسب

لا أعرف كثيرا عن جدي الذي عاش في بدايات القرن العشرين. أعرف عنه فقط أنه كان مختارا و مهابا و مرض و توفي بعد علاج لم ينجح. قالت لي عمة والدي أنها رافقته في إحدى مرات ذهابه إلى الطبيب في حلب و أنه توفي بعد ذلك بمدة قصيرة. في كل القصص التي حكيت لي عنه لم تلفتني قصة بقدر ما لفتتني قصة حصانه. قيل لي بأنه كان يملك حصانا أصيلا جميلا هو وسيلة تنقله و ربما أبهته كونه كان المختار و كونه أيضا سليل عائلة شهيرة في كل المنطقة.  يحكى عن جدي أنه عندما مات تركت فرسه الأصيلة البيت حزنا و كمدا و يقال أنه لم يراها أحد بعد ذلك أبدا. 
هذه كل علاقتي المباشرة بالخيل. هي علاقة سمع و قصص و حكايا و مشاهد و صور أراها في التلفاز و في الصحف و الجرائد. لم أقترب من هذا الكائن لكني عندما أراه أجده مألوفا بالنسبة لي و قريبا و حميما. أراه يكاد ينطق لسان البشر و أرى عينيه تبرقان و كأنهما توصلان رسالة لمن يحيط به. 
بالأمس فقط وصلت إلى فهم أوسع للخيل. هو فهم مبدئي للتمييز بين انواعه و أسمائه و صفاته. كنت أعرف سابقا أنه عالم كبير لكني بالأمس دخلت في تفاصيل كثيرة عنه. إنه عالم مثل عالم البشر ملئ بالتفاصيل و القصص و الحكايا. المدهش أن العربي من الخيل أهم ما يميزه إلى جانب شكله الخارجي هو عمود نسبه. و كأن الخيل العربي قد أخذ من الإنسان العربي أهم ما يميزه و هو النسب. المدهش أيضا أن الشكل وحده عند الخيل لا يحدد نوعه. فقد تجد خيلا له كامل صفات الخيل العربي لكنه لا يباع بسعر العربي كون نسبه العربي غير ثابت و النسب هنا هو نسب الأم و الأب. فلا يكفي للخيل العربي أن يحوز هذا اللقب دون أن يكون أبواه عربيين أصيلين، فلا يكفي فقط أن يكون الأب عربيا و الشكل عربي فنقاء الدم هو الأساس و هو ما يتحقق فقط عبر كون الأبوين عربيين أصيلين.

مصطفى حميدو
Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast