Tuesday 6 March 2007

مجلس الشعب والصحافة و تجارة المخدرات

مصطفى حميدو

مضحكون هم أعضاء مجلس الشعب في سورية. إنهم يتصرفون كما تتصرف " الأرجوزات". تراهم في كامل هرجهم و مرجهم و مع ذلك يصرون على صفة الوقار و يحاولون "توقير" أنفسهم مع أنهم أبعد الناس عن الوقار قولا و فعلا. العالم من حولهم وصل إلى ما لا يمكن أن تتخيله عقولهم الصغيرة الضيقة و هم يصرون على إغلاق صحيفة لمجرد أنها قالت شيئا من أشياء يصح أن تقال عنهم. تخيلوا، مشكلتهم هي صحيفة مع أن العالم من حولهم قد تجاوز مسألة إغلاق الصحف أو فتح الجديد منها و انتقل إلى موضوع حرية التعبير و مدى تأثير الإعلام على الوصول حتى إلى الكراسي التي يتبوؤنها في مجلس الشعب. هم يظنون أن الكلمة لا فائدة منها طالما أن أمورهم"مربطة" مع من يسهل لهم الوصول إلى عضوية مجلس الشعب. مشكلتهم هي مع القلم و الورق و الخبر الذي يفضح من يستحق و لو في نطاق ضيق. هم يعرفون جيدا بأن مسألة إغلاق صحيفة أو افتتاح أخرى هي مسألة سيادية ربما تتعلق في أحيان بقرار يأتي من رأس السلطة نفسها و في أحيان من دائرة من دوائر المخابرات الكثيرة التي عندنا في سورية. هم يعرفون ذلك لكنهم يصرون على عادة "الأرجوزات" في القفز بين الكلمات و التلاعب على وتر الأخلاق و هي منهم براء. القصة أن جريدة الاقتصادية الأسبوعية نشرت خبرا عن ضبط مخدرات في سيارة أحد أعضاء مجلس الشعب. إلى هنا يبدو الخبر مفزعا . فما معنى أن تضبط مخدرات في سيارة أحد أعضاء مجلس الشعب؟ المعنى واضح و هو التأكيد على أن التهم الموجهة لبعضهم بالتجارة في المخدرات صحيحة. القسم الثاني الأشد إفزاعا هو الثورة غير المبررة من بعض الأعضاء ضد الصحيفة و مطالبة السلطة التنفيذية باغلاقها هكذا و بدون أي مقدمات و كأنهم لا يعرفون ما يدور حولهم في البلدان المجاورة و غير المجاورة من انتشار الإعلام و تأثيره في حياة الناس حتى أضحت الحرية في البلدان تقاس بحرية الإعلام. الاقتصادية لم تذكر اسم عضو مجلس الشعب المتهم و هو تصرف مهني ريثما تتضح الأمور و تنجلي الحقائق مع أن خبرها ختم بقيام السلطة التنفيذية "بلفلفة الأمور" كي لا تصبح فضيحة و مع ذلك طلبوا وطالبوا و طالبوا باغلاقها.
مسألة اشتغال بعض أعضاء مجلس الشعب في تجارة المخدرات هي حقيقة مهما حاول البعض التستر عليها أو طمسها. إنها معروفة حتى لأولئك الذين من المفترض أن يكونوا ناخبيهم و لكن أي مقاومة من هؤلاء الناخبين يمكن أن تنشأ ضدهم في مقابل المال الذي يغدقونه في شراء الأصوات خصوصا مع تلك الأزمة الاقتصادية التي تؤرق الناس و تقض مضاجعهم؟ الدائرة التي من المفترض أن أكون ناخبا فيها تعج بتجار المخدرات الذين يتصارعون للوصول إلى مجلس الشعب. الكل في الدائرة يعرف هذه الحقيقة خصوصا و هو يرى أغنياء جددا ينبتون من حولهم دون تفسير واضح لمصادر ثرواتهم خصوصا و أن المنطقة هي منطقة حدودية و معروف عنها" دوليا" أنها تعج بالمهربين.الأمل في الانتخابات المقبلة التي يقال أنها ستدخل إلى المجلس أعضاء نوعيين لا كشاكلة الذين نراهم نصف نائمين و نصف"مسطولين" في جلسات المجلس. بالطبع هنا لا بد من الإشارة إلى أن التهديد بإغلاق الصحف هو ليس جديدا في سورية بل إن رئيس الوزراء الحالي ناجي عطري كان قد هدد صاحب الاقتصادية و الوطن بإغلاق جريدة الوطن اليومية(حسب بهية مارديني في إيلاف) إن هي استمرت في نقد الحكومة مع أن الصحيفة تصدر من منطقة حرة يفترض أن تكون غير خاضعة للقوانين السورية المعطلة لحرية الصحافة. هل إغلاق هو تقليد سوري مزمن(أغلقت من قبل المضحك المبكي لكشفها فساد محافظ حمص عندما كان مدير الخطوط الحديدية السورية) أم أنها ضريبة غياب الصحافة المستقلة طوال أربعين عاما و عدم اعتياد المسؤولين على النقد؟

Share:

1 comments:

Telegram

Podcast