فتوى جنبلاط بمسؤولية دمشق عن عدم الاستقرار في الشرق الاوسط تبرئة مجانية لاسرائيل!
ودعوة غير مباشرة للصلح ومناقضة للاحتماء بحزب الله الذي لا يعادي سوريا
البلد بحاجة الى مظاهرة شعبية جماعية وفاقية تطالب بوقف «فحيح افاعي الفتنة»!
الولايات المتحدة ـ محمد باقر شرالديار اللبنانية
كما كنا نتوقع ونأمل في ان يلقن عميد «النهار» والمفجوع الأكبر الاستاذ الكبير غسان التويني بحشاشة قلبه جبران، الآخرين درساً في التفوق على الذات، فقد بدا عظيماً عندما دعا الى دفن الاحقاد، وكأنه بشفافيته يستطلع اعماق نفوس قوم لا يعيشون الا على الاحقاد ويتغذون بها. فقد «تذكّر» وهو في غمرة الحزن والوداع الاخير، ان الشخص مهما عظُم - حتى ولو كان ابناً له - فان مصيره مهما كان مأساويا ومفجعاً، فانه يجب الا يوضع فوق مصير الوطن. ثم انه من منطلق معرفتنا بنضج وكِبَر النفس وسعة الأفق والوعي وبعد النظر عند عميد «النهار»، كنا ندرك بأنه لن يخونه المنطق في غمرة حزنه العظيم، فهو يدرك ان من الغشم والتعسف توجيه اصبع الاتهام الى جهة يعينها، رغم ما بينها وبين الابن العزيز الضحية الشهيد، فهو يلمس ان المتضرر فعلاً من فعل الغدر الذي طال جبران، هو الجهة التي اشارت اليها اصابع جاهزة لتوجيه الاتهام. وهو مثل كل متأمل بأبعاد هذا الحدث الجلل لا يستطيع ان يصدّق، بأن هذه الجهة المتهمة والمسبوقة بالاتهام، قد فقدت العقل لدرجة الاقدام على ما يضرها ويسبب الدمار الفادح بسمعتها ويفتح الطريق لفحيح الأفاعي المتربصة بها!
والمهم ان يلبي الاستاذ وليد جنبلاط نداء التفوق على الذات، المقتبس من الدرس الذي لقنه ابو جبران للذين يعيشون اسرى الحقد، علما ان «خال» شهيد الرأي جبران الاستاذ مروان حمادة، لم يغرب عن باله رغم ان لديه ما يبرر في نظره شعوره بالغضب والسخط بأن هنالك عدواً اول اسمه اسرائيل، يجب الا ننساه حتى عندما نوجه اصابع السخط الشديد والاتهام للذين نهتف ضدهم خلال التشييع!
والمعادلة التي لا تحتاج الى طويل وقت لاستيعابها تقول: بأن العداء يستجلب العداء، والحقد يستسقي الحقد.. وانه في حال افتراض ما لا يجوز القطع به، وهو ان هذه الجهة التي هتف المشيّعون بادانتها وشتمها، واستتباعا ربط مصير الرئيس اللبناني الحالي في السلطة، بهذه الادانة غير الموثقة، فلا بد من التساؤل والقول: لنفترض جدلاً بصحة ما تقولون، فما هو الدافع لأن تقدم دولة تسعي لكسب ودّ كل المعترضين من اللبنانيين وقد بذلت محاولات مستميتة على هذا الصعيد، دون ان تحظى بود هؤلاء المعترضين وهي كانت ولا تزال تطلب ودهم حتى بعد «انسحاب دورها»، ونحن نقطع بأنها حاولات باستمرار كسب ود حتى المؤسسة الاعلامية التي كان الفقيد الشجاع الراحل وهو ابن ابيه من حيث الدينامية والقاء نفسه في غمرة الاحداث، ما الذي يدفعها لأن تقدم على مثل هذه الفعلة التي تنسب اليها وتتهم بارتكابها وهي التي تبدو في نتائجها بحق، وكأنها موجهة ضدها من عدو لبنان وسوريا والعرب؟ واذا كانت هذه الجهة التي توجهت اليها اصابع العديد من المشيعين بايحاء من قيادات تريد توظيف المصيبة لتجني منها فوائد او تحقق اهدافاً سياسية ومكاسب من منطلق «مصائب قوم عند قوم فوائد»، وهي قيادات لشدة شعورها بالخطر الشخصي على مصيرها تعتبر «النظام» الذي وجهت اليه اصابع الاتهام هو سبب عدم الاستقرار في لبنان والشرق الاوسط، فان في ذلك اعفاء مجاني لنظام الكيان العنصري الصهيوني الذي يلمس اللبنانيون والمراقبون الموضوعيون في العالم كله، انه المصدر الحقيقي والرئيسي للاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة، وهو الذي يريد تجريد العرب من اية مناعة في وجه الضغوط التي تمارسها «لعبة الامم» في المنطقة ان في اطلاق مثل هذه «الفتوى» من «شيخ العقل السياسي» للجبل الاستاذ وليد جنبلاط، والتي تعمم مسؤولية الجهة الذي يتهمها بقتل جبران التويني وقبل ذلك بجريمة اغتيال الرئيس الحريري ومحاولة قتل زميله في توجيه الاتهام الى سوريا «خال» شهيد الرأي، الاستاذ جبران، الاستاذ مروان حمادة، بحيث تكون هذه الجهة («الشقيقة سابقا» في نظر جنبلاط) مسؤولة عن عدم الاستقرار في المنطقة كلها، فانه يتطوع للادلاء بشهادة تبرئة مجانية لاسرائيل عن كل الجرائم التي ارتكبتها ولا تزال ترتكبها في الارض المحتلة من فلسطين، ولدرجة يكاد يعتقد من لا يعرف أبسط بديهيات الواقع السياسي في لبنان والمنطقة، بأن هذه الجهة التي يتهمها جنبلاط بأنها المسؤولة عن عدم الاستقرار في المنطقة، وكأنها هي التي انشأت دولة اسرائيل، وهي مسؤولة حتى عن مجيء قوات الاحتلال الى العراق، وهي المسؤولية ايضا قبل ذلك عن قيام نظام صدام في العراق الذي كان يحشد جيوشه على حدودها، ويرسل اليها السيارات المفخخة، وانها بذلك قد «خلقته» لكي يحاربها و«تتسلى» بحربه لها! وعلى هذا فان تصريحات الاستاذ وليد، السابقة التي كان قد تمنى فيها الموت والقتل والاغتيال لوولفويتز الذي انتقل الآن من صفة «مهندس الغزو» كما سبق ان وصفه بذلك الاستاذ وليد الى منصب «مدير البنك الدولي» والذي ودّع «وظيفته السابقة» - في نظر جنبلاط - كمهندس للغزو، بالثناء على جنبلاط بالذات، لانه رغم شتائم جنبلاط السابقة له، فقد «اكتشف» وولفويتز انه «زعيم وطني كبير».. واذا لم تأت الشهادة بالوطنية من رجل مثل وولفويتز «مهندس الغزو» الذي منحه جنبلاط هذا الوصف معتبراً اياه من غلاة الصهاينة، فاذا اراد بعض الذين لا يوافقون على شطحات جنبلاط السابقة واللاحقة ان يربط بين مواصفات جنبلاط لوولفويتز بالصهيونية وهندسة الغزو، وبين وصف وولفويتز لجنبلاط بالوطنية، فان شهادة وولفويتز تصبح شهادة صهيونية بجنبلاط من مهندس الغزو «بالوطنية اللبنانية»، ولما كانت الوطنية لا يمكن في هذه الايام ان تكون وطنية حقيقية ولما كانت معركة الوطنية والاستقلال، لم تعد الطريق اليها معبّدة الا عبر امثال وولفويتز، فعلى «القوى الوطنية اللبنانية الاخرى»، التي يجب ان تحمل المواصفات التي يتمتع بها الاستاذ جنبلاط، ان «تقف في الصف» لتأخذ «البركة» وشهادة «التبرؤ» من «الوطنية القديمة» وطنية الكفاح ضد اسرائيل والاحتلال. ولكن الساعين للنضال من اجل الاستقلال والسيادة والديموقراطية، بالمفهوم المطروح في هذا الزمن الاخير، سوف يصطدمون «بعقبة» من الاستاذ وليد جنبلاط نفسه، فحزب الله مثلا الذي يضع جنبلاط نفسه تحت جناحه وفي حمايته وهو يكاد يقول بأنه يفعل ذلك بمباركة اميركية او حتى يهو - اميركية هو حزب غير معاد لسوريا ولا يشارك جنبلاط الرأي في النظام السوري، هو سبب عدم الاستقرار في طول المنطقة وعرضها وهو مسؤول عن مجازر غزة ورفح ودير ياسين وقبية ونحالين والحرم الابراهيمي والحرم القدسي وحولا وصبرا وشاتيلا وقانا.. والذين «استحوا ماتوا» لأنهم لا يستطيعون ان يشهدوا بأن كل الذين ارتكبوا هذه الأعمال حتى في شارع فردان وشوارع اخرى من بيروت هم الاسرائيليون وليسوا السوريين، وهذا لا يعني ابدا اننا نبرئ السوريين من اخطائهم ونحن اول من كتب في عز موجة التجاوزات التي اساءت الى سمعة الدور السوري، بأن «قوى الاستطلاع» اساءت لمن انتدبها القيام بدور اخوي وشريف في لبنان وقلنا بالحرف: «ان قوى الاستطلاع في لبنان تخفي عن الرئيس حافظ الاسد حقيقة الاوضاع في لبنان.. وهي التي ترتكب تجاوزات واخطاء لو حدث مثلها من جانب اي بلد تتواجد فيه قوى استطلاع من بلد آخر شقيق او صديق، فان اللوم عليها يظل اهون واخف من ان يرتكب من جانب بلد شقيق اوكل اليه دور انقاذي في لبنان».
والرئيس حافظ الاسد هو الذي قال للسيد جبران كورية الناطق السابق باسم رئاسة الجمهورية السورية بعد قراءته لمقال كتبه رئيس تحرير «الديار» العام: هل تحبون انتم الاستخبارات في سوريا؟ فلم يجبه الاستاذ كورية، كدليل على عدم الرضى عن الاستخبارات! فقال له الرئيس الاسد: «فلماذا اذاً تستغربون اذا كان اللبنانيون لا يحبون المخابرات السورية؟» علما ان المخابرات لو تم تسليط الاضواء عليها في اي بلد ولو كان «ينعم بالديموقراطية»، فانه يمكن رصد الكثير من المظالم والتجاوزات عندها، واحيانا يكون للمخابرات الوطنية فضل ضبط الامن وتأمين الاستقرار وكشف شبكات التجسس المعادية، اذا أخلصت في عملها وكانت من الذكاء والوعي والنزاهة، فإن مهمتها تقترب من المهمات الرسالية، وان كان الانطباع السائد دائماً بأن كل ما يتعلق بالاستخبارات قذر، وهو يقترن بالجهل والغشم وارتكاب المظالم.
ولكن ازدواجية المقاييس في النظرة الى المخابرات عند بعض السياسيين الذين لم يكونوا هم بالذات بعيدين عن ارتكاب المظالم عندما احرزوا قسطاً من القدرة على التحكم والتسلّط في زمن انهيار الدولة التي كان لدمشق فضل في اعادة السويّة اليها، فإنهم بغوا وطغوا وقاموا بارتكابات مالية وجنائية، ضد من يعتبرونهم «منحرفين» وغير وطنيين، على نحو تتضاءل معه مظالم الاجهزة الرسمية التابعة حتى لأنظمة فردية شمولية في المنطقة والعالم.
وهكذا فإنه في غمرة هذا البؤس في التعاطي مع المستجدات، ظهر من كبد الافق المظلم على الساحة اللبنانية صوت الرجل الحكيم المتفوق على ذاته، والذي اظهر في ضبط النفس والاعصاب ما يعجز عنه اشجع الشجعان و«أشب» الشباب.. وهذا الطود السياسي والصحفي والعملاق والد شهيد الرأي جبران التويني، والذي اذا زعم «المحزونون السياسيون» معه الاخلاص لذكرى نجله الشهيد جبران، فعليهم ان يقتدوا به وينسجوا على منواله.. فهم لن يكونوا اكثر اخلاصاً «منه» لثأر ابنه الذي لن يتحقق الا برص الصف وإيقاف فحيح افاعي الفتنة ومواجهته ريح السموم المنبعثة من القدس المحتلة وبغداد المحتلة حيث الاحتلالان المقيمان» اللذان ينذر احدهما (الكيان العنصري الصهيوني) بتصفية كادرات المقاومة في لبنان من القمة الى القاعدة، إنفاذاً لمحتوى القرار 1559، والذي كان اصل «الطاعون الجديد» الذي حل بلبنان، والذي يتضمن فرض الغاء المقاومة وتجريدها من السلاح، والآخر (الاحتلال من العراق ووراءه المركز في واشنطن) ينذر سوريا على امتداد ساعات النهار والليل، بالويل والثبور والزوال. في حين يهتف معه في لبنان من يقول بوجوب زوال النظام السوري الحالي لانه في نظره «سبب كل عدم الاستقرار في المنطقة» علماً ان عدم الاستقرار كان سائداً في المنطقة قبل قيام النظام السوري الحالي بعشرات السنين اي منذ قيام دولة اسرائيل!
ثم الا يخشى الاستاذ وليد من أن يتصدى له من يقول بأن احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى الاغتيالات اولا- محاولات الاغتيال التي يطالب هو ومن معه مجلس الامن بتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق الدولية لتشملها، او انشاء لجنة اخرى تواكبها للتحقيق فيها، هو المناخ التوتيري الذي اسهم جنبلاط فيه بصبّ الزيت على النار وتأريث الاحقاد.. واصراره على اسقاط رئيس الدولة بأي ثمن حتى ولو ادى ذلك الى احراق لبنان وسوريا معاً؟ الا يخشى ان ينبري من يقول له: ان مثل هذه المواقف والتصرفات هي سبب كل ما يعاني منه لبنان اليوم؟
وأخيراً ما هو المخرج من كل ذلك؟ في رأينا انه لاطفاء النائرة (اي النار الشديدة) على الساحة اللبنانية فان الجنازة - التظاهرة التي شارك فيها حزب الله و«امل» والاحزاب والشرائح الوطنية يجب ان تعقبها تظاهرة سلمية مماثلة تكون أكثر حشداً وجمعاً تظهر وجهة نظر تختلف عن وجهات نظر الذين يريدون استثمار دم شهيد الرأي مثلما استثمروا استشهاد الرئيس الحريري، وتتلخص اية مظاهرة كبرى حاشدة سلمية ولو تحت الحماية الامنية لوزير الداخلية الحالي الذي لا يخفي ولاءه لجهة سياسية معينة المقترن بالعداء لدمشق .. بحيث يكون شعار هذه التظاهرة: الحوار والوفاق ودرء الفتنة والاستعداد لمواجهة الاغتيالات «الموسادية» التي «بشّر» بها موفاز على رؤوس الاشهاد والقائلة بأن اسرائيل ستتولى بنفسها بعد ان عجزت عن الوصول عبر ما يعتري الساحة اللبنانية من ارتباك اسهمت هي ومن هم وراءها بالقسط الأكبر منه، تجريد المقاومة من سلاحها، بل انها ستعمد هي بنفسها ليس الى تجريد المقاومة من السلاح فقط بل تجريد لبنان من اية قدرة على المقاومة عبر قتل المقاومين المجرّبين الذين شرفوا ميادين الكفاح ضد العدو المحتل. ويريد العدو ان يتم ذلك في غمرة (الفحيح الأفعوي) الذي ينادي بالتصعيد ضد رئيس الجمهورية الحالي.. واسقاطه كجزء من محاولة اسقاط النظام في سوريا.. تمهيداً لتنصيب من يريد التخلص من اسباب عدم استقرار اسرائيل نهائياً في المنطقة وفي طليعة هذه الاسباب: وجود المقاومة في لبنان وصمود سوريا، وهو ليس صمود نظام بقدر ما هو صمود شعب سوريا باكمله اياً كان النظام الذي يحكمه.. ولو لم يكن هذا النظام ممثلاً لضمير شعبه الوطني، لكان قد التحق بأنظمة اخرى لا تعبر عن ضمائر شعوبها..!
العالم سوف يكون أكثرا أمنا واستقرارا أذا ازيح حزب البعث السوري من السلطة ، السيد جنبلاط قائد وطني لا يوجد له مثيل من شمال الى جنوب جمهورية البعث السورية المارقة ، والشهيد جبران تويني اصبح نبي العصر الجديد وتحقق امله المركزي وهو تحرير وطنه من جيش الشحاذيين السوري
ReplyDelete