Thursday 15 December 2005

هل يقتدي مثيرو الاحقاد بوالد «شهيد الرأي» في التفوق على الذات؟


فتوى جنبلاط بمسؤولية دمشق عن عدم الاستقرار في الشرق الاوسط تبرئة مجانية لاسرائيل!‏
ودعوة غير مباشرة للصلح ومناقضة للاحتماء بحزب الله الذي لا يعادي سوريا
البلد بحاجة الى مظاهرة شعبية جماعية وفاقية تطالب بوقف «فحيح افاعي الفتنة»!‏
الولايات المتحدة ـ محمد باقر شرالديار اللبنانية

كما كنا نتوقع ونأمل في ان يلقن عميد «النهار» والمفجوع الأكبر الاستاذ الكبير غسان ‏التويني بحشاشة قلبه جبران، الآخرين درساً في التفوق على الذات، فقد بدا عظيماً عندما دعا ‏الى دفن الاحقاد، وكأنه بشفافيته يستطلع اعماق نفوس قوم لا يعيشون الا على الاحقاد ‏ويتغذون بها. فقد «تذكّر» وهو في غمرة الحزن والوداع الاخير، ان الشخص مهما عظُم - حتى ولو ‏كان ابناً له - فان مصيره مهما كان مأساويا ومفجعاً، فانه يجب الا يوضع فوق مصير الوطن. ثم ‏انه من منطلق معرفتنا بنضج وكِبَر النفس وسعة الأفق والوعي وبعد النظر عند عميد ‏‏«النهار»، كنا ندرك بأنه لن يخونه المنطق في غمرة حزنه العظيم، فهو يدرك ان من الغشم ‏والتعسف توجيه اصبع الاتهام الى جهة يعينها، رغم ما بينها وبين الابن العزيز الضحية ‏الشهيد، فهو يلمس ان المتضرر فعلاً من فعل الغدر الذي طال جبران، هو الجهة التي اشارت ‏اليها اصابع جاهزة لتوجيه الاتهام. وهو مثل كل متأمل بأبعاد هذا الحدث الجلل لا يستطيع ‏ان يصدّق، بأن هذه الجهة المتهمة والمسبوقة بالاتهام، قد فقدت العقل لدرجة الاقدام على ما ‏يضرها ويسبب الدمار الفادح بسمعتها ويفتح الطريق لفحيح الأفاعي المتربصة بها!‏
والمهم ان يلبي الاستاذ وليد جنبلاط نداء التفوق على الذات، المقتبس من الدرس الذي لقنه ‏ابو جبران للذين يعيشون اسرى الحقد، علما ان «خال» شهيد الرأي جبران الاستاذ مروان ‏حمادة، لم يغرب عن باله رغم ان لديه ما يبرر في نظره شعوره بالغضب والسخط بأن هنالك ‏عدواً اول اسمه اسرائيل، يجب الا ننساه حتى عندما نوجه اصابع السخط الشديد والاتهام للذين ‏نهتف ضدهم خلال التشييع!‏
والمعادلة التي لا تحتاج الى طويل وقت لاستيعابها تقول: بأن العداء يستجلب العداء، والحقد ‏يستسقي الحقد.. وانه في حال افتراض ما لا يجوز القطع به، وهو ان هذه الجهة التي هتف ‏المشيّعون بادانتها وشتمها، واستتباعا ربط مصير الرئيس اللبناني الحالي في السلطة، بهذه ‏الادانة غير الموثقة، فلا بد من التساؤل والقول: لنفترض جدلاً بصحة ما تقولون، فما هو ‏الدافع لأن تقدم دولة تسعي لكسب ودّ كل المعترضين من اللبنانيين وقد بذلت محاولات مستميتة ‏على هذا الصعيد، دون ان تحظى بود هؤلاء المعترضين وهي كانت ولا تزال تطلب ودهم حتى بعد ‏‏«انسحاب دورها»، ونحن نقطع بأنها حاولات باستمرار كسب ود حتى المؤسسة الاعلامية التي كان ‏الفقيد الشجاع الراحل وهو ابن ابيه من حيث الدينامية والقاء نفسه في غمرة الاحداث، ما ‏الذي يدفعها لأن تقدم على مثل هذه الفعلة التي تنسب اليها وتتهم بارتكابها وهي التي ‏تبدو في نتائجها بحق، وكأنها موجهة ضدها من عدو لبنان وسوريا والعرب؟ واذا كانت هذه ‏الجهة التي توجهت اليها اصابع العديد من المشيعين بايحاء من قيادات تريد توظيف المصيبة ‏لتجني منها فوائد او تحقق اهدافاً سياسية ومكاسب من منطلق «مصائب قوم عند قوم فوائد»، ‏وهي قيادات لشدة شعورها بالخطر الشخصي على مصيرها تعتبر «النظام» الذي وجهت اليه اصابع ‏الاتهام هو سبب عدم الاستقرار في لبنان والشرق الاوسط، فان في ذلك اعفاء مجاني لنظام ‏الكيان العنصري الصهيوني الذي يلمس اللبنانيون والمراقبون الموضوعيون في العالم كله، ‏انه المصدر الحقيقي والرئيسي للاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة، وهو الذي يريد تجريد ‏العرب من اية مناعة في وجه الضغوط التي تمارسها «لعبة الامم» في المنطقة ان في اطلاق مثل ‏هذه «الفتوى» من «شيخ العقل السياسي» للجبل الاستاذ وليد جنبلاط، والتي تعمم مسؤولية ‏الجهة الذي يتهمها بقتل جبران التويني وقبل ذلك بجريمة اغتيال الرئيس الحريري ومحاولة قتل ‏زميله في توجيه الاتهام الى سوريا «خال» شهيد الرأي، الاستاذ جبران، الاستاذ مروان حمادة، ‏بحيث تكون هذه الجهة («الشقيقة سابقا» في نظر جنبلاط) مسؤولة عن عدم الاستقرار في المنطقة ‏كلها، فانه يتطوع للادلاء بشهادة تبرئة مجانية لاسرائيل عن كل الجرائم التي ارتكبتها ولا ‏تزال ترتكبها في الارض المحتلة من فلسطين، ولدرجة يكاد يعتقد من لا يعرف أبسط بديهيات ‏الواقع السياسي في لبنان والمنطقة، بأن هذه الجهة التي يتهمها جنبلاط بأنها المسؤولة عن ‏عدم الاستقرار في المنطقة، وكأنها هي التي انشأت دولة اسرائيل، وهي مسؤولة حتى عن مجيء ‏قوات الاحتلال الى العراق، وهي المسؤولية ايضا قبل ذلك عن قيام نظام صدام في العراق الذي ‏كان يحشد جيوشه على حدودها، ويرسل اليها السيارات المفخخة، وانها بذلك قد «خلقته» لكي ‏يحاربها و«تتسلى» بحربه لها! وعلى هذا فان تصريحات الاستاذ وليد، السابقة التي كان قد تمنى ‏فيها الموت والقتل والاغتيال لوولفويتز الذي انتقل الآن من صفة «مهندس الغزو» كما سبق ‏ان وصفه بذلك الاستاذ وليد الى منصب «مدير البنك الدولي» والذي ودّع «وظيفته السابقة» - ‏في نظر جنبلاط - كمهندس للغزو، بالثناء على جنبلاط بالذات، لانه رغم شتائم جنبلاط ‏السابقة له، فقد «اكتشف» وولفويتز انه «زعيم وطني كبير».. واذا لم تأت الشهادة ‏بالوطنية من رجل مثل وولفويتز «مهندس الغزو» الذي منحه جنبلاط هذا الوصف معتبراً اياه ‏من غلاة الصهاينة، فاذا اراد بعض الذين لا يوافقون على شطحات جنبلاط السابقة واللاحقة ‏ان يربط بين مواصفات جنبلاط لوولفويتز بالصهيونية وهندسة الغزو، وبين وصف وولفويتز ‏لجنبلاط بالوطنية، فان شهادة وولفويتز تصبح شهادة صهيونية بجنبلاط من مهندس الغزو ‏‏«بالوطنية اللبنانية»، ولما كانت الوطنية لا يمكن في هذه الايام ان تكون وطنية حقيقية ‏ولما كانت معركة الوطنية والاستقلال، لم تعد الطريق اليها معبّدة الا عبر امثال وولفويتز، ‏فعلى «القوى الوطنية اللبنانية الاخرى»، التي يجب ان تحمل المواصفات التي يتمتع بها الاستاذ ‏جنبلاط، ان «تقف في الصف» لتأخذ «البركة» وشهادة «التبرؤ» من «الوطنية القديمة» وطنية ‏الكفاح ضد اسرائيل والاحتلال. ولكن الساعين للنضال من اجل الاستقلال والسيادة ‏والديموقراطية، بالمفهوم المطروح في هذا الزمن الاخير، سوف يصطدمون «بعقبة» من الاستاذ ‏وليد جنبلاط نفسه، فحزب الله مثلا الذي يضع جنبلاط نفسه تحت جناحه وفي حمايته وهو يكاد يقول ‏بأنه يفعل ذلك بمباركة اميركية او حتى يهو - اميركية هو حزب غير معاد لسوريا ولا يشارك ‏جنبلاط الرأي في النظام السوري، هو سبب عدم الاستقرار في طول المنطقة وعرضها وهو مسؤول ‏عن مجازر غزة ورفح ودير ياسين وقبية ونحالين والحرم الابراهيمي والحرم القدسي وحولا وصبرا ‏وشاتيلا وقانا.. والذين «استحوا ماتوا» لأنهم لا يستطيعون ان يشهدوا بأن كل الذين ‏ارتكبوا هذه الأعمال حتى في شارع فردان وشوارع اخرى من بيروت هم الاسرائيليون وليسوا ‏السوريين، وهذا لا يعني ابدا اننا نبرئ السوريين من اخطائهم ونحن اول من كتب في عز موجة ‏التجاوزات التي اساءت الى سمعة الدور السوري، بأن «قوى الاستطلاع» اساءت لمن انتدبها ‏القيام بدور اخوي وشريف في لبنان وقلنا بالحرف: «ان قوى الاستطلاع في لبنان تخفي عن ‏الرئيس حافظ الاسد حقيقة الاوضاع في لبنان.. وهي التي ترتكب تجاوزات واخطاء لو حدث مثلها ‏من جانب اي بلد تتواجد فيه قوى استطلاع من بلد آخر شقيق او صديق، فان اللوم عليها ‏يظل اهون واخف من ان يرتكب من جانب بلد شقيق اوكل اليه دور انقاذي في لبنان».‏
والرئيس حافظ الاسد هو الذي قال للسيد جبران كورية الناطق السابق باسم رئاسة الجمهورية ‏السورية بعد قراءته لمقال كتبه رئيس تحرير «الديار» العام: هل تحبون انتم الاستخبارات في ‏سوريا؟ فلم يجبه الاستاذ كورية، كدليل على عدم الرضى عن الاستخبارات! فقال له الرئيس ‏الاسد: «فلماذا اذاً تستغربون اذا كان اللبنانيون لا يحبون المخابرات السورية؟» علما ان ‏المخابرات لو تم تسليط الاضواء عليها في اي بلد ولو كان «ينعم بالديموقراطية»، فانه يمكن ‏رصد الكثير من المظالم والتجاوزات عندها، واحيانا يكون للمخابرات الوطنية فضل ضبط الامن ‏وتأمين الاستقرار وكشف شبكات التجسس المعادية، اذا أخلصت في عملها وكانت من الذكاء ‏والوعي والنزاهة، فإن مهمتها تقترب من المهمات الرسالية، وان كان الانطباع السائد ‏دائماً بأن كل ما يتعلق بالاستخبارات قذر، وهو يقترن بالجهل والغشم وارتكاب المظالم.‏
ولكن ازدواجية المقاييس في النظرة الى المخابرات عند بعض السياسيين الذين لم يكونوا هم ‏بالذات بعيدين عن ارتكاب المظالم عندما احرزوا قسطاً من القدرة على التحكم والتسلّط في ‏زمن انهيار الدولة التي كان لدمشق فضل في اعادة السويّة اليها، فإنهم بغوا وطغوا وقاموا ‏بارتكابات مالية وجنائية، ضد من يعتبرونهم «منحرفين» وغير وطنيين، على نحو تتضاءل معه ‏مظالم الاجهزة الرسمية التابعة حتى لأنظمة فردية شمولية في المنطقة والعالم.‏
وهكذا فإنه في غمرة هذا البؤس في التعاطي مع المستجدات، ظهر من كبد الافق المظلم على ‏الساحة اللبنانية صوت الرجل الحكيم المتفوق على ذاته، والذي اظهر في ضبط النفس والاعصاب ‏ما يعجز عنه اشجع الشجعان و«أشب» الشباب.. وهذا الطود السياسي والصحفي والعملاق والد ‏شهيد الرأي جبران التويني، والذي اذا زعم «المحزونون السياسيون» معه الاخلاص لذكرى نجله ‏الشهيد جبران، فعليهم ان يقتدوا به وينسجوا على منواله.. فهم لن يكونوا اكثر اخلاصاً ‏‏«منه» لثأر ابنه الذي لن يتحقق الا برص الصف وإيقاف فحيح افاعي الفتنة ومواجهته ريح ‏السموم المنبعثة من القدس المحتلة وبغداد المحتلة حيث الاحتلالان المقيمان» اللذان ينذر ‏احدهما (الكيان العنصري الصهيوني) بتصفية كادرات المقاومة في لبنان من القمة الى ‏القاعدة، إنفاذاً لمحتوى القرار 1559، والذي كان اصل «الطاعون الجديد» الذي حل بلبنان، ‏والذي يتضمن فرض الغاء المقاومة وتجريدها من السلاح، والآخر (الاحتلال من العراق ووراءه ‏المركز في واشنطن) ينذر سوريا على امتداد ساعات النهار والليل، بالويل والثبور ‏والزوال. في حين يهتف معه في لبنان من يقول بوجوب زوال النظام السوري الحالي لانه في نظره ‏‏«سبب كل عدم الاستقرار في المنطقة» علماً ان عدم الاستقرار كان سائداً في المنطقة قبل قيام ‏النظام السوري الحالي بعشرات السنين اي منذ قيام دولة اسرائيل!‏
ثم الا يخشى الاستاذ وليد من أن يتصدى له من يقول بأن احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى ‏الاغتيالات اولا- محاولات الاغتيال التي يطالب هو ومن معه مجلس الامن بتوسيع صلاحيات لجنة ‏التحقيق الدولية لتشملها، او انشاء لجنة اخرى تواكبها للتحقيق فيها، هو المناخ ‏التوتيري الذي اسهم جنبلاط فيه بصبّ الزيت على النار وتأريث الاحقاد.. واصراره على ‏اسقاط رئيس الدولة بأي ثمن حتى ولو ادى ذلك الى احراق لبنان وسوريا معاً؟ الا يخشى ان ‏ينبري من يقول له: ان مثل هذه المواقف والتصرفات هي سبب كل ما يعاني منه لبنان اليوم؟
وأخيراً ما هو المخرج من كل ذلك؟ في رأينا انه لاطفاء النائرة (اي النار الشديدة) على ‏الساحة اللبنانية فان الجنازة - التظاهرة التي شارك فيها حزب الله و«امل» والاحزاب ‏والشرائح الوطنية يجب ان تعقبها تظاهرة سلمية مماثلة تكون أكثر حشداً وجمعاً تظهر وجهة ‏نظر تختلف عن وجهات نظر الذين يريدون استثمار دم شهيد الرأي مثلما استثمروا استشهاد ‏الرئيس الحريري، وتتلخص اية مظاهرة كبرى حاشدة سلمية ولو تحت الحماية الامنية لوزير ‏الداخلية الحالي الذي لا يخفي ولاءه لجهة سياسية معينة المقترن بالعداء لدمشق .. بحيث يكون ‏شعار هذه التظاهرة: الحوار والوفاق ودرء الفتنة والاستعداد لمواجهة الاغتيالات ‏‏«الموسادية» التي «بشّر» بها موفاز على رؤوس الاشهاد والقائلة بأن اسرائيل ستتولى بنفسها ‏بعد ان عجزت عن الوصول عبر ما يعتري الساحة اللبنانية من ارتباك اسهمت هي ومن هم ‏وراءها بالقسط الأكبر منه، تجريد المقاومة من سلاحها، بل انها ستعمد هي بنفسها ليس الى ‏تجريد المقاومة من السلاح فقط بل تجريد لبنان من اية قدرة على المقاومة عبر قتل المقاومين ‏المجرّبين الذين شرفوا ميادين الكفاح ضد العدو المحتل. ويريد العدو ان يتم ذلك في غمرة ‏‏(الفحيح الأفعوي) الذي ينادي بالتصعيد ضد رئيس الجمهورية الحالي.. واسقاطه كجزء من ‏محاولة اسقاط النظام في سوريا.. تمهيداً لتنصيب من يريد التخلص من اسباب عدم استقرار ‏اسرائيل نهائياً في المنطقة وفي طليعة هذه الاسباب: وجود المقاومة في لبنان وصمود سوريا، ‏وهو ليس صمود نظام بقدر ما هو صمود شعب سوريا باكمله اياً كان النظام الذي يحكمه.. ‏ولو لم يكن هذا النظام ممثلاً لضمير شعبه الوطني، لكان قد التحق بأنظمة اخرى لا تعبر عن ‏ضمائر شعوبها..!‏
Share:

1 comments:

  1. العالم سوف يكون أكثرا أمنا واستقرارا أذا ازيح حزب البعث السوري من السلطة ، السيد جنبلاط قائد وطني لا يوجد له مثيل من شمال الى جنوب جمهورية البعث السورية المارقة ، والشهيد جبران تويني اصبح نبي العصر الجديد وتحقق امله المركزي وهو تحرير وطنه من جيش الشحاذيين السوري

    ReplyDelete

Telegram

Podcast