Monday 26 December 2005

نجم العدد الجديد:ملف لأبيض و أسود عن وليد جنبلاط



أليبوس
26\12\2005
نشرت منجلة ابيض و أسود السورية ملفا عن وليد جنبلاط هاجمته فيه بشدة. تصدر غلاف العدد صورة لوليد جنبلاط يبدو عليها تائها فزعا
بينما حمل الغلاف عنوان: وليد جنبلاط جديد، لم يبق لنا غير العمق الاسلامي و اليكم الملف.

وليد جنبلاط.. أو أمير الحرب المتنقل بين التقدمية وحضن أمريكا
غالبية من السوريين وربما العرب، يستغربون كل هذه المواقف المتشنجة والعدائية للنائب اللبناني وليد جنبلاط ضد دمشق في السنة الأخيرة.. غالبية من السوريين وربما العرب، يستغربون كل هذه المواقف المتشنجة والعدائية للنائب اللبناني وليد جنبلاط ضد دمشق في السنة الأخيرة، لكنهم قبل ذلك يستغربون كل هذا التلون في مواقفه لدرجة يصعب فيها التكهن بالموقف الجديد الذي سيطلقه في اليوم التالي. هذه التحولات ربما لا تليق بابن سياسي ومناضل كبير ومفكر مثل الراحل كمال جنبلاط، لكن لم يسجل يوماً أن الشرف والأفكار الخلاقة والكرامة تورث عبر جينات الدم، من الأب إلى الابن فالحفيد، فللطبيعة قوانينها الخاصة. عندما استشهد الراحل كمال جنبلاط كان “وليد بيك” مراهقاً يحب اللهو وركب الدراجات النارية وارتداء “الجينز” الأمريكي، لكن غياب الأب المفاجئ في زحمة الحرب الأهلية اللبنانية، حيث الكل يقتل على الهوية جعلت من المراهق زعيماً للحزب التقدمي الاشتراكي وللطائفة مرة واحدة، ولأن الحسابات الإقليمية والدولية كانت أكبر من “وليد بيك” وربما أكبر من لبنان، انصاع جنبلاط لمقتضيات العملية السياسية وصار في داخلها. لكن في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد المتغيرات الإقليمية الناشئة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق استطاع جنبلاط وقبل غيره أن “يشتم” رائحة جديدة، فحواها أن أمريكا صاعدة وسيدة آمرة في المنطقة بينما كل المختلفين معها إلى تراجع ومنهم سوريا، ربما هنا قرر جنبلاط أن يقوم بالنقلة التاريخية في حياته فاتخذ قراراً بأن يركب الموجة الأمريكية الرابحة ضد دمشق عله يحقق مكاسب سياسية ومالية واقتصادية جديدة. ومن الواضح وحسب الخلفية التاريخية أن لا جديد على دور جنبلاط «الحربائي» لكنه ربما نسي أو تناسى أن دمشق عصية على الولايات المتحدة ومن يعمل عندها مهما طالت وامتدت العاصفة. مؤخراً اتهم «وليد بيك» أمير الحرب المعروف في جبل لبنان حيث روع عشرات الآلاف من الأسر والعائلات اللبنانية المسيحية بأبشع الجرائم التي يندى لها الجبين، أن دمشق وراء جريمة اغتيال النائب والصحفي جبران تويني، وربط بين مقابلة صحفية أجراها الرئيس بشار الأسد للقناة الثانية في التلفزيون الروسي وبين الجريمة ليخرج باستنتاج أن الأسد ودمشق هي من تقف وراء ما حصل. !! لكن ماذا قال الأسد وهل يحتمل كلامه كل هذا التأويل الشيطاني؟ لقد صرح الرئيس السوري وفي معرض إجابة عن سؤال عن موقف دمشق وكيفية مواجهتها لاحتمال قيام مجلس الأمن باتخاذ قرار أو إجراءات عقابية ضدها على خلفية تقديم ديتليف ميليس لتقريره أمام مجلس الأمن، فما كان من الأسد إلا أن تحدث على خطأ مثل هذه التوجهات لأنها لا تفيد الحقيقة والوصول إليها، ثم إن التجارب أثبتت أنه من الخطأ اللجوء إلى العقوبات لأن متضررين كثراً سيكونون ضحيتها وهذا لا يساعد الاستقرار ولا يخدمه. هذا هو مضمون ما قاله الأسد، وهو كلام وتحليل صائب، وربما يقوله أكثر من مسؤول وزعيم ومحلل، والجدير بالذكر، أن وزير الخارجية الفرنسي أكد أيضاً بعد اللقاء على أنه من الضرورة الحفاظ على استقرار سوريا والمنطقة، لكن جنبلاط رأى ولوحده، أنه مقدمة وتهديد للبنان والاستقرار فيه ولاستهداف النائب جبران تويني؟؟ ووصل به الأمر أنه طلب الحماية من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والأمان ليحميه من النظام السوري في وقت يعرف جيداً أنه محمي ومصان من قبل الاستخبارات الأمريكية في لبنان. إن رجل حرب أو أمير حرب كجنبلاط لا يحق له طلب الحماية لأنه في قلب اللعبة الأمنية وما يجري في لبنان منذ عام.

باحثاً عن دور البطولة في لبنان - الوصاية الأجنبية - وليد جنبلاط... كوميديا (المنافق) أم تراجيديا (العبد المأمور)؟
ماهر منصور
لا أعرف إن كان الشهيد كمال جنبلاط، القومي العروبي، يستطيع اليوم حقاً أن ينام مرتاح البال في مثواه الأخير، ووريثه الوحيد على الأرض يتاجر بدماء الشهداء، وقبلها دمه، ويطلق المواقف التخوينية على طريفة أفلام الإثارة الأمريكية..
لا أعرف إن كان الشهيد كمال جنبلاط، القومي العروبي، يستطيع اليوم حقاً أن ينام مرتاح البال في مثواه الأخير، ووريثه الوحيد على الأرض يتاجر بدماء الشهداء، وقبلها دمه، ويطلق المواقف التخوينية على طريفة أفلام الإثارة الأمريكية والصحافة الصفراء، قانعاً بأنها سبيله الأسرع لأدوار البطولة في هذه المرحلة، فإن قتل كان شهيد (الاستقلال) وقائده الذي قضى فداء له، وإن ترك يعبث كما يشاء بالكلمات... فهو (البطل)، حتى ولو كان بطلاً من كلام، وفي الحالتين سيبدو الصبي واهماً، إذ قُدر له دائماً أن يعيش تابعاً وعبداً مأموراً.. أما قناعته الزائفة تلك، فلم تأخذه إلا إلى مزيد من الانبطاح والتذلل من موقع إلى آخر، يؤدي عبره دوراً محدداً رسم له في الخارج، فيلهث خلف تحقيقه على طريقة (العصا والجزرة) بغض النظر عن محاذير ما قد يجلبه ذلك من انقسامات وخراب في البلاد، وربما موت لا يأتي هذه المرة على دبابة أمريكية، وإنما بمخطط خارجي تحت اسم (الحقيقية) أخذ البيك جنبلاط وحلفاؤه (التابعون) في لبنان يتنافسون على لعب دور الأداة المطيعة الأسرع في تنفيذه في الداخل، جاعلين من (السوري) شماعة لتعليق أزمات لبنان ومشاكله و خطايا زعمائه وطمعهم، من (حرية) لبنان (الديمقراطي) (المتنوع) عبارة رنانة وعنواناً براقاً يخفي خلفه سعيهم المحموم لأحد أدوار البطولة في (لبنان جديد) يترك عروبته (يافطة) للخطابات الدعائية التلفزيونية، ويمارس على الأرض دور الأداة الطيعة للخارج، وامتداده داخل الجسد العربي. ولأن الموهبة طبع يخلق مع المرء لا يتطبع عليها كان من الصعب أن ينجح (جنبلاط) في أي من أدوار البطولة التي شاءتها هواجسه، فلا هو حافظ على نهج والده الشهيد، القومي العروبي، ولا استطاع أن يتعلق بذيول دور بطولي يجعله يبرر لنفسه قبل الآخرين التذبذب الذي يعيشه في الأقوال والأفعال، فازداد انبطاحاً أمام ما يراه (الخلاص) دون أن يستطيع أن يؤدي دوراً بعد أن غادر أدوار الكومبارس في اللعبة السياسية أكثر من دور (المهرج)، يقدمه اليوم في الساحة اللبنانية على نحو تراجيدي، كزعيم للأمة، مثقلاً بهمومها ومشاكلها، قلقلاً على حالها، ومستنكراً الدم المهدور في سبيل لبنانه (الحر الديمقراطي)، متحدياً كل ما يحيط به من المخاطر حين يخرج من المختارة ليعزي آخر شهيد طالته يد الغدر، يهتف بالجماهير الغاضبة (لا تهتفوا لي، بل اهتفوا للبنان الحر)، وأمام كاميرات التلفزة، يطلق زفير (المهموم المتمرد)، يعلق مشاكل العالم، من قتل عمر حتى ثقب الأوزون، على النظام الأمني الذي يقاومه وعلى (السوري) الذي يريد منه أفضل العلاقات الأخوية رغم كل شيء...ثم يلملم نفسه ويغيب في الزحام... (برافو وليد بيك، المشهد كتير مزبوط)، لكنك لم تقنع أحداً. لا يقنع جنبلاط حتى نفسه بهزال مسرحيته، يدرك أن جعجعة كلامه لن تجدي شيئاً أمام طحن السياسة السورية التي استطاعت إلى الآن أن تستعيد زمام مبادرة العلاقات السورية اللبنانية في كل مرة أراد لها أعداء الخارج والداخل، على السواء، قطع تواصلها أو تغييبها، ولنذكر في هذا السياق: زيارة السنيورة الأولى بعد منح حكومته الثقة والتجاوب السوري السريع مع طلباته، كاللقاء السوري اللبناني في برشلونة والإعلان عن لبنانية مزارع شبعا أمام مؤتمر قمة (يوروميد)، فضلاً عن مواصلة سوريا التزاماتها تجاه الاتفاقيات المبرمة مع لبنان فيما يخص عدداً من الملفات الخدمية، ومنها الكهرباء... وجميع هذه الخطوات السورية كان من شأنها في كل مرة هز صورة (البطل) المزعومة لجنبلاط، وتبهيت ما يعده إنجازات على طريق (الاستقلال) من الوجود السوري في لبنان... يدرك جنبلاط جيداً أنها سرعان ما تسقط جميعها عند أول مصافحة سورية - لبنانية، ستحدث (رغم جعجعة البعض) مادامت هي خيار البلدين في تحصين أنفسهما وحماية مصالحهما. الأمر بحقيقته هذه التي لا يختلف عليها اثنان، لا يبدو عصياً على فهم وليد جنبلاط أبداً، ولكن (البيك) المأخوذ بأدوار البطولة، والمسكون بخوف يهدد زعامته، جاعلاً منه (منافقاً) بامتياز يتقلب من موقع إلى آخر في لمح البصر، لا يجد مفراً من الغلو في إطلاق شعارات (الاستقلال والحرية للبنان)، متمادياً بذلك أكثر في تهريجه، وربما تكبير كذبته عسى ولعل يصدقها أحد... فكان في كل مرة يحدث تقارب سوري لبناني على نحو ما، يرتفع صوت جنبلاط التصعيدي ضد سوريا، محذراً من (عمليات تخريب أمني) تعد لها، كما قال رداً على لقاء برشلونة، متهماً سوريا دائماً بأنها وراء كل قطرة دم لبنانية تهدر في لبنان، وكأن جنبلاط نسي، أو تناسى بأن الدم السوري هو الذي سال في لبنان حفاظاً على وحدة هذا الدم اللبناني وحماية له... ينسى جنبلاط أو يتناسى، لكن أياً من اللبنانيين الأحرار بحق لا ينسى تضحيات سوريا طوال أعوام وجودها في لبنان، رغم الأخطاء العديدة التي شابت هذا الوجود، ولا يمكن أن يتجاهلوا كم بذلت سوريا من تضحيات طوال هذه المدة على طريق استقرار لبنان وهدوئه... وإلا ما معنى أن يجتمع ما يقارب المليون شخص في ساحة (رياض الصلح)، تأييداً لسوريا في مظاهرة كانت الأكبر من نوعها في تاريخ لبنان...؟ أليس هذا هو حكم الشارع الذي يريد جنبلاط أن يلوذ به ليمنح للخارج شرعية مخططاته؟ ألم يقل الشارع في (رياض الصلح) كلمته الحرة أيضاً فدحض بها مزاعم جنبلاط وأعوانه...؟ ومرة أخرى يفشل جنبلاط في إقناع أحد، سوى أولئك السابحين بوهم تياره الذي يستقوي بالخارج تحت يافطة (القومية العربية) و(ووحدة لبنان واستقلاله)، و(حرية لبنان)... وجميعها كانت بريئة منه. وسواء اتسع زوم كاميرا أمام مؤيدي جنبلاط أو ضاق، فلن يستطيع أبداً أن يضم أكثر من مجموعة حاقدين أو تجار دم من الطامحين لكراسي قيادة، فيما يعتقدونه بأنه (لبنان جديد) قادم على كف الوصاية الأجنبية، وخلف هذا وذاك، شعب آلمه الموت العبثي فضللته الشعارات الكبيرة التي تعزف على وجعه، لتأخذه نحو ما وعدت به الخارج في تنفيذه في الداخل، وإلا ما معنى أن يحدث انفجار في كل مرة تكون فيه سوريا أمام استحقاق دولي فيما يخص لبنان ولجنة التحقيق الدولية بدم الحريري، أو تكون فيه لبنان في جدل داخلي قد يدفع نحو قرارات تنال من مقاومته وحريته الحقيقية واستقلاله...؟ ما معنى أن ترتفع الأصوات في كل مرة، ومباشرة بعد كل عملية اغتيال أو اتهام بأصابع الاتهام ضد سوريا، وكأنها تريد أن تستثمر الدم اللبناني المهدور في تمرير مخططاتها الخارجية ضدها...؟ ألم يتم تمرير طلب محكمة دولية في قضية الحريري، ودم جبران تويني لم يزل حاراً، جاعلين من رفض تدويل لبنان ووضعه تحت الوصاية الخارجية، خيانة للبنان بحكم الدم الحار...؟! وبعد هذا كله، من يبدو أن له مصلحة في كل ما أريق من دم، أو على الأقل المتاجرة به لا أكثر...
ومرة أخرى، لن يجد جنبلاط من يقنعه بكلامه أكثر من أعوانه، وربما هو لا يستطيع حتى أن يقنعهم ويقنع نفسه. يدرك وليد جنبلاط (والمصيبة أن كان لا يدرك) أن أي طفل صغير، لا يغيّب العقل خلف عواطفه، سيتذكر في كل مرة يتحدث فيها وليد بيك عن العلاقات السورية اللبنانية اليوم، أحاديث مشابهة عن العلاقات ذاتها، ولكن على نحو مختلف تماماً ومتناقض... فجنبلاط الذي بدا اليوم رأس الحربة في مواجهة الوجود السوري في لبنان على اختلاف أشكاله كان حتى الأمس القريب أحد أبرز المخلصين لهذا الوجود والمستفيد الأكبر منه، يشهد عليه طريق (عنجر) كما شاء توصيفه جنبلاط نفسه، كما يشهد عليه السوريون أنفسهم، وهم يشهدون جنبلاط نفسه، يتجول، كأي مواطن سوري في أسواق دمشق وشوارعها.. والمضحك أن جنبلاط حاول أكثر من مرة أن يغازل هذا الشعب الحر، بأنه حريص على مصلحته وعلى العلاقة معه، متناسياً حقيقة الشعب السوري الأبي، الذي يرفض أن يساوم على بلده، ويموت في ظلال علمه الوطني. وكما فشل الطامعون بسوريا في المراهنة على أبناء سوريا، يفشل جنبلاط هذه المرة في جعل سوري واحد يتوقف عند كلامه دون أن يضحك من عبث الكلمات التي يصوغها جنبلاط، على نحو تراجيدي، تحت يافطة الحرص على الشعب السوري، ولعل خطابات (البيك) الرنانة اليوم ضد الوجود السوري، لم تبتعد كثيراً في ذاكرته، لا الشعب السوري بل واللبناني أيضاً، عن خطاباته الرنانة المؤيدة لهذا الوجود، بل والدفاع عنه بشدة، وفي هذا السياق يستطيع المرء أن يتذكر لجنبلاط الكثير من خطاباته لصالح السوريين، أجد أن لا متسع لاستعادتها هنا جميعها، ووضعها في سياق مقارنة مع ما يتحدث به اليوم على أنه خطاب (قومي عروبي)، لذلك أجدني أترك متعة كشف التناقض والتهريج في ما قوله (البيك) للأعزاء القراء وكلي ثقة بأن صاحب أضعف ذاكرة منهم، سيكتشف تذبذب الصبي (وليد) ونفاقه سواء تجاه السوريين في الأمس، أو تجاه لبنانيته وما يدعيه اليوم من كلمات معسولة عن وحدة الشعب اللبناني و(حريته)، وسأكتفي هنا بحديثه لمجلتنا (أبيض أسود) رداً على سؤال حول علاقته مع القيادة السورية (أجري الحوار 24/2/2003) حين وصفها بأنها (متينة فوق كل اعتبار ثانوي، وفي المنعطفات الأساسية دائماً كنت و سأبقى بالأساس نحن والحزب المدافع الرئيسي عن مصالح القومية، أثبتنا هذا الأمر كما اعتقد في عام 82 وفي عام 85 مروراً بحرب عون، وإسقاط اتفاق السابع عشر من أيار، وبكل المحطات التي شعرنا أن هناك خطراً استراتيجياً على المصالح الوطنية والقومية، ومن خلال استخدام إسرائيل والغرب لبنان لساحة تعطيل لهذه المصالح، أو استخدام بعض القوى في لبنان، إن العلاقة مع سوريا قدر وطني وقومي منذ الاحتلال الصليبي). والحديث هنا بكل ما انطوى عليه (لاحظوا التنبيه لخطورة القوى اللبنانية التي تريد أن تستخدم لبنان ساحة تعطيل للمصالح القومية) سيبدو مثيراً للاشمئزاز والضحك بآن معاً، إذا ما قورن بما يصدر اليوم عن جنبلاط، الخارج في تصريحاته الأخيرة من جلباب أبيه القومية ليرتدي الجينز الأمريكي... وهي تصريحات بمجملها، ستسقط ويسقط معها كما أوراق الخريف، إذا ما هبت ريح الحقيقية كما يريدها اللبنانيون الأحرار لا العملاء اللاهثين خلف مكاسب أكثر، حتى ولو كانت مكاسب حرب.

الحزب والبيك
مساهمات القراء.......نقلا عن أخبار سورية
قراءة في الحزب التقدمي الإشتراكي بزعامة وليد (بيك) جنبلاط
د- تميم صقر
لاشك أن الإزدواجية هي من السِمات الأساسية التي ضربت الواقع العربي منذ ولادته وقد اجتهد العديد من الفلاسفة العرب قديماً وحديثاً في إيجاد تفسير منطقي لإزدواجية الشخصية العربية واختلفت الأراء كثيراً.

بالنسبة لي أعتقد أن سبب هذه اللعنة هو إزدواجية لغتنا بين عامية وفصحى فنحن العرب دوناً عن كل العالم نفكر بلغة ونكتب بلغة أخرى التي هي أساساً وعاء الفكر.
المثال الأكثر عمقاً للإزدواجية العربية هو العبارة التالية (الحزب التقدمي الإشتراكي بزعامة وليد بيك جنبلاط) عبارة أعتدنا سماعها كديباجة متكاملة منذ عشرين سنة ولكثرة تكرارها عشعشت في عقولنا كفكرة مقبولة بطريقة ما لكن إذا أردنا أن نحلل هذه العبارة منطقياً لوجدنا أغرب المفارقات. فالأحزاب جميعاً في أرض الله الواسعة ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر بصيغتها الحالية كمطلب جماعي ناجم عن توحد الطبقات العاملة ضد الطبقات البرجوازية والإقطاعية وقد تراوح هذا النشوء بين الثوري الدموي الى التدريجي الأبيض تبعاً لمتغيرات تاريخية ونفسية وإقتصادية لدى الشعوب أما هذا الحزب وبعيداً عن أسمه البرّاق فهو فريد من نوعه فلو تجاوزنا التزعم الذي هو صفة لا علاقة لها لا بالأحزاب ولا بالتقدم ولا بالإشتراكية يبقى القسم الأهم وهو ماذا عن حزب بزعامة (بيك)؟ إنه بدون شك سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الأحزاب وفي تاريخ (البيكات أو البيكة أو الأبياك أو البيكاوات...) فلست خبيراً باللغة التركية القديمة لمعرفة جمع "بيك" ولاأعتقد أن شعباً ما في مكان ما قد أنعم الله عليه بحزب بزعامة "بيك" إلا في روايات الكاتب التركي الكبير عزيز نيسين الذي سخر من هذه البنية الإجتماعية العفنة التي سيطرت على تركيا لفترة طويلة الى أن جاء أتاتورك وعصف باللغة القديمة اياها مع كل رواسبها من أصناف "البيك" ومشابهاته وقاد عملية بناء دولة تحت راية أحزاب علمانية مما حوّل تركيا الى قوة إقتصادية على مانراها اليوم.
أما في عالمنا العربي فالحزب واقعي وهو ياللمفارقة العجيبة قومي وإشتراكي بنفس الوقت وبزعامة "بيك" من عظم ولحم فهنيئاً لنا بهذه المستحاثة النادرة التي لامثيل لها في الأرض.
أما وقد تربع هذا "البيك" على الحزب فلنا أن نحلم بأسوأ النتاجات الفكرية والعملية وأخشى أن مانراه ليس أحلاماً في نومنا بل كوابيساً في يقظتنا تطالعنا كيفما إتجهنا في المحطات الفضائية والأرضية والجرائد والمجلات و خلف كل ميكرفون في سويسرا الشرق لبنان.
من المفارقات المضحكة عن هذا "البيك" مقابلة طريفه معه في فضائية الجزيرة حيث أجتهد المذيع كثيراً في البحث عن أسباب الخلاف الجوهرية بين سوريا وجنبلاط وقد كانت الإجابات متشابهة رغم إعادة طرح الاسئلة بصيغ عديدة حيث يقول جنبلاط انه ألتقى الدكتور بشار الأسد للمرة الأولى في أواخر التسعينات في لبنان وعندها شعر فجأة ب(تاتش) وعندما استوضحه المذيع قال "البيك" (تاتش ... يعنـــي.... متل الكهربا) فتجاوز المذيع هذه المعضلة اللغوية وسأل عن اللقاءات اللاحقة بين الرجلين لكن المفاجاة عقدت لسان المذيع حيث أن "البيك" يشعر في كل مرة إما ب(تاتش) أو (كهربا) و رغم محاولات المذيع العديدة للوصول إالى ترجمة منطقية لهذه الأجوبة إلا أن "البيك" استمر في تكرار ببغائي لكلمتي ( تاتش و كهربا... تاتش و كهربا) حتى أُصيب المذيع بخيبة الأمل من هذا السياسي الذي لا يجد تعبيراً لمشاعره وأفكاره إلا بهذه الصيغة المبهمة, أما بالنسبة لي كمتفرج فقد تساءلت ماذا لو أن "بيكاً" ما منذ 200 سنة وقع بظرف مشابه فكيف سيعبر عن احساسه علماً بأن المرحوم أديسون لم يكن قد أكتشف الكهرباء بعد فهل كان البيكات يعيشون في سلام دائم أم كان لديهم مشاعر مختلفة عن (التاتش والكهربا)؟؟ سؤال أتمنى أن يجيبنا عليه علماء المستحاثات أو المستشرقين الذين يفهمون كلام البيكات أكثر منا وأكثر من البيكات أنفسهم.
وهنا اتمنى من المجتمع الدولي الذي لاهمّ له إلا لبنان أن يشكل لجنة دولية خاصة أسوةً بلجنة التحقيق الدولية اياها وأسوةً بالمحكمة الدولية المنتظرة على أن تضم هذه اللجنة الدولية كبار أطباء العصبية في العالم وكبار مهندسي الطاقة لقياس مستوى (الكهربا) التي يعاني منها "البيك" على أن تضع هذه اللجنة النزيهة نصب أعينها ضرورة (تزبيط) الكهرباء لديه وأعادتها الى الحدود الدولية والإقليمية المتعارف عليها في لبنان والمنطقة ولو أنني أفضل شخصياً إعادتها الى حدود الجبل أو المختارة كأقصى حد وذلك رحمةً ب"البيك" ورحمةً بنا كمتابعين للإعلام الذي يتربعه هذا المتقلب الكبير بحيث أننا نعجز عن تقدير المواقف النهائيه له أمام سيوله العارمه من التصريحات المتناقضة.
لا يستطيع أكبر محلل سياسي أن يفهم هذا الحزب التقدمي الإشتراكي مع "بيكه" فهو في الصباح حزب علماني منفتح وفي المساء حزب راديكالي ديني ضيق, يخاطبنا من موسكو عن ماركسية حزبه ويساريته ثم يقفز الى باريس للحديث عن ليبرالية حزبه ويمينيته, في فضائية ما يتحفنا بقراءة قومية عاصفة عن العروبة و وحدة المصير وفي فضائية أخرى يخوض حربا شاملة من أجل موظف صغير في دائرة كرتونية لايتجاوز وجودها أدراج وزارة ما, يطالعنا بتصريح عن ضرورة دعم القضية الفلسطينية وسلاح المخيمات وفي صحيفة أخرى يقول إن هذا السلاح لايخدم فلسطين ويجب الغاؤه وهكذا دواليك من أراء و أراء مضادة تصلح إذا جمعناها معاً لعشرات الحلقات من البرنامج القتالي الشرس(الإتجاه المعاكس) بدون الحاجة لمتحدث أخر أو لمذيع.
"البيك" اياه مع حزب الله لأنه المشروع الوحيد الشريف في لبنان لكنه بنفس الوقت يؤيد نزع سلاح الحزب لأن المجتمع الدولي أشار له بذلك وبالتالي يرفض مشاركة نوابه في احتفالات الحزب والحجة نكتة بيكاتية سخيفة فالنواب لديه أغبياء كما يقول وكأنهم (على تفاهتهم) عبيد في مزرعتة ثم يعود ويطلب الحماية من سماحة السيد حسن نصر الله في مداخلة له على تلفزيون LBC و يقول عن نفسه أنه صمام الأمان للحزب ثم بعقلية المصابين بإنفصام الشخصية يعود و ينفي على تلفزيون المستقبل ماقاله قبل عدة أيام على إيقاع أغنية (ميلي ما مال الهوى). هذا مالدينا حتى هذه اللحظة ولاأعرف ما سيصرح به "البيك" في الساعات القليلة القادمة ضمن نوب الإسهال الكلامي التي تصيبه بين الفينة والأخرى مما حوّله الى شخصية كرتونية مزعجة من كثرة التباكي والتشكي وتأكيد النفي ثم نفي التأكيد و كل ذلك في رقص ايقاعي سيئ الى مالانهاية.
يطلب "البيك" من سوريا الخروج من لبنان ولن يكون هناك أية دسائس لبنانية على سوريا فهو يقول (فليرحلوا لانريد منهم شيئاً) وما أن خرج أخر جندي سوري من لبنان حتى نسي "البيك" كلام الأمس وراح يجيّش العالم ضد سوريا ويؤمّن الحماية لمطلوبين سوريين ساذجين ويقدمهم الى لجنة التحقيق الدولية لإلصاق تهمة إغتيال الحريري بسوريا وعند فشل القصة ومشابهاتها يطلب "البيك" بقفزة واحدة إسقاط الحكم في سوريا ثم يتراجع يعتذر بحديث صحفي لمجلة الشراع ويقول أنه يحب الشعب السوري و يحب دمشق ثم يعود ويؤكد مطلبه بإسقاط النظام مع تلفزيون المستقبل مما سيدفعني لتشكيل نشرة أخبارية نصف ساعية للحصول على أخر تصريحات "البيك"بما يتوافق مع قفزاته من تأكيد ثم نفي ثم تأكيد في حالة جدلية بيزنطية لا نهائية وكأن "البيك"اياه يحمل المفاتيح السحرية لإسقاط أو عدم إسقاط النظام السوري هو وغيره من البيكات والباشوات واللوردات والبرنسات وسمهم ماشئت مع غيرهم من المنافقين السخيفين القابعين في أخر ظلمات الأرض حيث يظن هؤلاء المتعفنين الرخيصين أن الشعب السوري اصبح أكثر الشعوب سذاجة و لم ينتبهوا الى الالتفاف الجماهيري الهائل الذي أتفق عليه السوريين جميعاً حتى المعارضين الشرفاء منهم حول النظام و الحكومة التي تحاول بدورها كبح جماح السوريين ودفعهم بعيداً عن الزواريب السياسية الضيقة للحفاظ على أخلاقياتنا كشعب عربيأصيل وعدم الإلتفات الى غدر اصدقاء الأمس لنا. وأحب أن اذكر هؤلاء البقايا على أشكالهم وألوانهم أن الشعب السوري يعلم تماماً بأنه هو المستهدف, وليس الحديث عن نظام وشعب في هذه اللحظة بالذات إلا قناع رخيص, ولا نريد كسوريين لانصائح جنبلاط ولا عواطفه تجاهنا ولا محبته لنا أو لعاصمتنا دمشق.
الشأن السوري يُناقش داخل سوريا فقط ومن قبل ناس سوريين شرفاء وعندما يريد الشعب السوري استشارة أحد ما يجب أن يكون وطنياً وعليه أن يجيب على سؤال بسيط من أربع كلمات نستعيرها كما هي من خطاب سماحة السيد حسن نصر الله (أنت مين.... شو تاريخك) وجميعنا في سوريا نعرف من هو هذا "البيك" وماهو تاريخه فقد أباد حضرته ألاف المسيحين في معارك طاحنة في الجبل دفاعاً عن لقبه المقدس ضمن عملية تصفية جماعية ذات طابع ديني شملت الكبير والصغير في قرى كاملة ولم يصده إلا تدخل السوريين ووقوفهم في وجهه وهو الأن يحاضر فينا عن الإرهاب والإستبداد.
هذا هو زعيم الحزب التقدمي الإشتراكي وليد "بيك" جنبلاط أكبر مزدوج يمكن أن يعرفه التاريخ العربي وأستطيع أن أكون جازماً بالقول أن لاعلاقة لهذا الرجل لا بالتقدم ولا بالإشتراكية ولا بالأحزاب ولا بالعروبة ولا بالوطنية ولا أعتقد أن اسوأ "بيك" في التاريخ كان يتمتع بهذا التذبذب والنوسان الدائري اللاأخلاقي. و بدلاً من حديثه عن إسقاط أو عدم أسقاط النظام في سوريا وعن محبته للشعب السوري أنصحه أن يتعلم معنى الوطنية و العروبة من السوريين و أنا اطمئن هذا "البيك" مع غيره من المنافقين في الأرض أن دمشق ( عايشة وحدا بلاك وبلا حبك يا ولد... حاجي تحكي عن هواك ضحكت عليك البلد....)
Share:

0 comments:

Post a Comment

Telegram

Podcast